لا أخفى عليك أننى عشت منذ أسابيع تجربة بديعة بالغوص فى أعماق متحف الموسيقى العربية، بشارع رمسيس، وذلك أثناء إعدادى لتحقيق عن أعواد موسيقار الأجيال «محمد عبدالوهاب»، احتفالًا بذكراه الـ115 بحسب التاريخ الرسمى لميلاده، وقد انتهزت فرصة تجولى فى المتحف بصحبة مديره النشط «محمود عفيفى» وشاهدت عن قرب العديد من الآلات الموسيقية النادرة التى يحتفظ بها المتحف، ولا أخفى عليك أيضًا أننى من عشاق الموسيقى بكل أفرعها ومفرداتها، كما أعشق أيضًا اقتناء آلاتها النادرة وخاصة الأعواد، ولذلك فقد عمرت روحى بمشاهدة كنوز مصر المحفوظة فى متحف الموسيقى العربية، وحاولت بقدر الإمكان تجميع أكبر قدر ممكن من المعلومات عنها، وبقدر ما سعدت سعادة لا توصف بقدر ما حزنت أيضًا لأننا لا نملك قاعدة بيانات كاملة عن الآلات الموسيقية المحفوظة فى متاحفنا المختلفة، وكما أننا لا نولى أهمية لتسويق هذه المتاحف والاعتناء بها برغم أنها تعد من أهم مكونات قوتنا الناعمة.
أرجو هنا ألا تحسب أننى أنتقد حال المتحف فحسب، وإحقاقًا للحق فإن القائمين على المتحف بداية من الدكتورة الفنانة «إيناس عبدالدايم» رئيس دار الأوبرا، والأستاذ محمد عفيفى مدير المتحف يقومون بواجبهم على الوجه الأمثل، لكنى فى الحقيقة لا أرضى بغير أن تكون متاحفنا على قدم المساواة مع متاحف العالم من حيث الاعتناء والترميم والتسجيل، ولهذا أقترح على وزارة الثقافة أن تقووم بمشروع توثيقى لهذه الآلات المهمة والتى تمثل مرحلة غاية فى الأهمية من تاريخ مصر الموسيقى، فهذا المتحف يعد الأول والأهم من نوعه فى الشرق الأوسط، كما أنه يحظى ببصمات فنية ومعمارية لا تقارن، فهنا جلس محمد القصبجى وهنا تعلم رياض السنباطى وهنا غنى محمد عبدالوهاب واسمتع توفيق الحكيم، ولهذا فترميم هذه الآلات الاحترافى والاعتناء بها أمر واجب بشكل يعيد إليها بهاءها وشموخها، كما يجب أن يعمل المتحف على صناعة تاريخ «صوتى» لهذه الآلات، بحيث يتاح للزائرين الاستماع لصوت كل آلة على حدة، تمامًا كما يحدث فى أحدث متاحف العالم، كما يجب أن يتم تجميع جميع الآلات الموسيقية التاريخية فى مكان واحد لتقديم وجبة موسيقية متكاملة لكل زائر.