يجب أن نؤكد فى البداية على أنه من حق كل دولة أن تهتم بشؤون رعاياها وأن تحافظ على أرواحهم وأموالهم وبيوتهم، لكن للأسف فإن البعض يستخدم هذا الحق بشكل متعسف تماما، بشكل يوحى بأن التشدق بالاهتمام بالمواطنين ليس أكثر من قناع خارجى يخفى ما هو أبعد مما يظهر للعيان، ومثال على هذا ما حدث مع مصر تجاه واقعتين شهيرتين الأولى واقعة مقتل الطالب الإيطالى «جوليو ريجينى» والثانية واقعة تدمير الطائرة الروسية، ولكنى سأتجنب هنا الحديث عن قضية مقتل «ريجينى» لما بها من التباس قد يطول شرحه، لكنى سأتناول ذلك العند الروسى أمام إعادة الرحلات الروسية إلى القاهرة، فمن المفترض أن مصر وروسيا فى خندق واحد، ومن المفترض أننا على وفاق كبير فى العديد من المواقف الدولية والإقليمية، ومن المفترض أن عدونا واحد وتحدينا واحد، فلماذا يتجاهل الجانب الروسى كل هذه المشتركات ويمارس «العند» مع مصر تجاه عودة الرحلات الروسية؟
الآن تحدث العمليات الإرهابية فى داخل روسيا، تحدث فى المطارات والشوارع، تحدث فى ملاعب الكرة فى أوروبا، وتحدث فى البر والبحر، لكن الجميع ينسى كل الأحدث ويتذكر فقط حادثة إسقاط الطائرة الروسية التى انطلقت من شرم الشيخ منذ وعام ونصف، وللأسف فإن لهجة الجانب الروسى فى الآونة الأخيرة قد شابها الكثير من «العجرفة» والكثير من الاستعراض، فها هو وزير النقل الروسى «مكسيم سوكولوف» يقول فى تصريحات صحفية إن الجانب المصرى هو الأكثر اهتماما بعودة الرحلات الجوية مرة أخرى، وذلك لزيادة إيرادات القطاع السياحى، ولهذا فيجب «على الجانب المصرى» القضاء على أى سلبيات.
ليس هذا فحسب، بل أن الوزير الروسى أكد فى تصريحاته لوكالة نوفستى إنه روسيا ستوقع مع مصر على بروتوكول من أجل سلامة الرحلات، وأن مصر لم تحدد بعد مكان وزمان توقيع هذا البروتوكول ملقيا باللوم على الجانب المصرى، فى حين أنه فى ذات التصريحات قال إن التوقيع على البروتوكول لا يعنى فتح الرحلات الجوية مرة أخرى، ولكنها تدابير للسلامة فقط لمزيد من التحكم والسيطرة على الوضع الأمنى فى المطارات المصرية، وتوفر الأساس القانونى والدولى اللازم ليجرى التعاون بين شركات الطيران الروسية مع سلطات الطيران المصرية، فلماذا تتعنت روسيا كل هذا التعنت ؟ ولماذا تفتح المجال للأقاويل المتناثرة هنا وهناك؟ ولماذا تسىء إلى صورتها الذهنية عند الشعب المصرى؟ ولماذا تساعد الإرهابيين فى تحقيق أغراضهم بإضعاف مصر سياسيا واقتصاديا؟