من وجهة نظرى فإن هذا المؤتمر تحول من مجرد «مؤتمر» إلى ماكينة ضخ الأمل فى عروق الدولة المصرية، ويوما بعد يوم يزداد هذا المؤتمر رسوخا، تتحقق إحدى توصياته فيتأكد الجميع أنه ليس من نوعية المؤتمرات التى تهدف إلى الاستهلاك المحلى، يتجرأ الشباب يوما بعد يوم فيدركون أن للتعبير عن الرأى وسائل أخرى غير التى اعتادوا عليها، يتولى الشباب مسؤولية بعض الملفات فيدركون أن التغيير قد يحدث دون تدمير، مؤتمر «ذكى» أتى فى وقته تماما، ويوما بعد يوم يثبت أنه فكرة «طيبة» تؤتى أكلها فى كل دورة انعقاد، وهنا أجدنى مضطرا إلى تقديم التحية الواجبة إلى جميع القائمين على هذا المؤتمر وجميع منظميه وجميع من شاركوا فى تطويره وإثرائه، كما أتذكر بكل الحب «الخال» عبدالرحمن الأبنودى الذى طلب من الرئيس عبدالفتاح السيسى أكثر من مرة الاهتمام بالشباب وتنظيمهم فى كيان «طليعى» يحتضن أحلام الحالمين وطموحاته الطامحين، يثقف من يحتاج إلى ثقافة، وينمى من يحتاج إلى نمو، ولعل فى وجود هذا المؤتمر هذه المرة فى الإسماعيلية التى تحتضن جسده النبيل أبلغ العزاء عن فقدانه.
وكالعادة، خرج المؤتمر هذه المرة بالعديد من التوصيات التى تميزت عن غيرها بدقتها ونوعيتها وهروبها من فخ العمومية، وقد شملت التوصيات، إعلان عام 2018 عامًا لذوى الاحتياجات الخاصة، وتكوين مجموعة رقابة داخلية بأجهزة ومؤسسات الدولة من الشباب، وإطلاق مبادرة لتجميل الميادين، وتقنين أوضاع المشروعات الشبابية المتنقلة التى تواجه صعوبات فى الحصول على التراخيص، ودراسة تطوير المجلس الأعلى للاستثمار وتحويله للمجلس الأعلى للاستثمار والتصدير، وتفعيل دور المجلس الأعلى للمدفوعات لتفعيل دور الاقتصاد غير الرسمى، وكل هذه توصيات تحتل أهمية كبرى، لكن من وجهة نظرى فإن أهم التوصيات هى تلك التوصية الخاصة بالعمل على إنشاء المجلس الأعلى لقواعد البيانات برئاسة رئيس الجمهورية، وإحدى أهم وأكبر أزمات مصر هى فقرها المعلوماتى، وتهاوى منظومتها الأرشيفية، وغياب الحقائق التى تشرح الأوضاع وتسهم فى تفسيرها وحل مشكلاتها، ولا يغيب هنا عنى هنا أن أشيد بقرار الرئيس بدعوة بعض شباب دول العالم إلى المؤتمر السنوى بشرم الشيخ، وهو ما يعنى أن مصر بدأت فى تصدير تجربة «مؤتمر الشباب» الديمقراطية الراقية إلى العالم، والدولة حينما تصدر تجاربها النافعة لا تكسب أرضا جدية فحسب وإنما تقطع الطريق على استيراد الأفكار الهدامة أيضا، لكننى فى ذات الوقت أفضل أن ينصب جل الاهتمام إلى شباب العالم العربى، فذلك أجدى وأنفع وأكثر إفادة للجميع.