نحن هنا لا نقارن بين الأديان وعقائد البشر، ولا يمكن الجنوح إلى هذا المنحى، ولكن نحن نقارن مواقف أشخاص فى موقع المسؤولية، وتشابه المكان.
محمد مرسى العياط فى يوم السبت، 15 يونيو 2013، وصل الصالة المغطاة باستاد القاهرة، للمشاركة فى مؤتمر نصرة سوريا، وألقى كلمة شهيرة جاء فيها: «نقرر قطع العلاقات تمامًا مع النظام السورى، وإغلاق سفارة النظام السورى بالقاهرة، وسحب القائم بأعمال السفير المصرى من دمشق».
ثم ألمح إلى دعم الميليشيات المسلحة، والتنظيمات الإرهابية فى سوريا، من «الإخوان» لـ«داعش» إلى «جبهة النصرة»، دون الاكتراث بأن هذه القرارات خطر داهم على الأمن القومى المصرى، باعتبار أن دمشق- ومنذ فجر التاريخ- تمثل حائط الصد الأول للأمن القومى المصرى.
كما ألمح محمد مرسى العياط فى ذلك المؤتمر، الداعى للقتل والتخريب ومزيد من سفك دماء السوريين، تحت زعم نصرة الشعب السورى، إلى تهديد المصريين بالعنف والإرهاب والفوضى، فى حالة خروجهم فى ثورة 30 يونيو.
ولا ننسى كلمة السفّاح المجرم محمد عبدالمقصود، فى نفس المؤتمر الذى سبق ميعاد الدعوة للخروج فى ثورة 30 يونيو بخمسة عشر يومًا فقط، والذى هدد فيه بسحق المشاركين فى الثورة، والدعوة للجهاد فى سوريا، وتعالت أصوات أعضاء الجماعة الإرهابية والمتعاطفين معها، المشاركين فى المؤتمر، بالجهاد فى سوريا، لسفك المزيد من الدماء، والتدمير والتخريب، مرددين شعار «لبيك سوريا» و«حى على القتال».
وبعد مرور ما يقرب من 4 سنوات، زار مصر قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، رئيس دولة الفاتيكان، وذهب يوم السبت، 29 إبريل 2017، إلى استاد 30 يونيو، وترأس القداس الإلهى، وسط حضور 25 ألفًا من المصريين بمختلف دياناتهم ومذاهبهم، تحت شعار «بابا السلام فى مصر السلام».
هنا أظهرت مصر وجهها الحقيقى، ومكانتها كنموذج فريد للتعايش والتلاحم والوحدة الوطنية بين شعوب العالم، ومهد الحضارات الإنسانية، ونجدة المستجيرين والمستضعفين وأصحاب الرسالات السماوية، منذ نبى الله يوسف، مرورًا بسيدنا موسى، والسيد المسيح، وأمه العذراء مريم.
فارق شاسع بين محمد مرسى العياط وإخوانه والمتعاطفين معه، الذين دشنوا خطاب تشويه الدين الإسلامى الحنيف باستاد القاهرة، بالدعوة للقتل والتخريب، ونشر الخوف والإرهاب، واليأس والإحباط، وبين البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، الذى وقف فى استاد 30 يونيو ليدعو للحب والوئام والسلام، وينشد الأمن والطمأنينة، ويصدر البهجة والتفاؤل لأتباع كل الأديان.
لذلك ليس مستغربًا أن تجد قيادات الإخوان، ومعهم ممدوح حمزة، يعلنون عن غضبهم وسخطهم من زيارة البابا فرنسيس لمصر، لما تحمله من زخم عالمى، فقد تصدرت الزيارة مانشيتات كبرى الصحف الألمانية والإسبانية والفرنسية والإيطالية، ومعظم صحف دول أوروبا، وحتى الولايات المتحدة الأمريكية.
فوجدنا شبكة «رصد» الإخوانية تكتب نصًا: «البابا فرنسيس يترأس قداسًا عسكريًا بحضور 25 ألف مسيحى»، وهو عنوان يظهر كم التشويه وقلب الحقائق، والحقد والكراهية للأقباط، وأبناء المؤسسة العسكرية.
أما ممدوح حمزة، أحد أبرز أعضاء اتحاد ثورة التخريب والتفكيك والانحلال «25 يناير»، والمورد الأعظم للملابس الداخلية والخيام للمقيمين فى ميدان التحرير، فقد كتب على صفحته بـ«تويتر»: «إلى شعب مصر.. بابا الفاتيكان جاء إلى مصر خصيصًا لتضخم الاضطهاد والقتل للمسيحيين.. أى جاء لمشكلة طائفية».
ممدوح حمزة، وكونه خبيرًا اكتواريًا لوذعيًا حلزونيًا، يفهم فى كل شىء حتى علم الأديان، وعلم الأجنة، وما يدور فى مملكة الجان والعفاريت، فإنه لا يمكن أن يترك زيارة البابا فرنسيس لمصر تمر مرور الكرام، دون أن يترك بصمته اللوذعية، لذلك، وكونه يعلم لغة العفاريت، ويجيد التحدث بلغة طيور الغربان والبوم، فقد علم أن البابا فرنسيس جاء لمصر ليعلن عن غضبه من اضطهاد الأقباط!
ووجدنا المعتوه والمغيّب إعلاميًا، جمال ريان، المذيع بأحقر قناة فضائية، التى لم تعرف الإنسانية مثيلًا لها منذ عهد «جوبلز»، وزير الدعاية السياسية فى عهد أدولف هتلر وألمانيا النازية، يكتب على صفحته بـ«تويتر»: «يعلم البابا أن هذا الشخص ليس الرئيس الشرعى المنتخب لحكم المصريين، وأن رئيس جمهورية مصر العربية هو فخامة الدكتور محمد مرسى، فك الله أسره»!
وقالت الوجه الآخر من عملة جمال ريان، الخزعبلية آيات عرابى، على صفحتها أيضا بـ«تويتر»: «لا مرحبًا بذلك القادم على جماجم إخوتنا.. لا مرحبًا لذلك الذى يدعى السلام المزعوم».
هذه عينة من غضب وسخط وغيظ الإخوان، وممدوح حمزة، من زيارة البابا فرنسيس لمصر، ونجاحها المبهر والمبهج والمدهش، وتكشف حجم الخواء الوطنى والفكرى والمعرفى لهؤلاء، واندثار قيم الانتماء، ومع ذلك يسعى هؤلاء بكل قوة للعودة لتصدر المشهد، وحكم المصريين الذين يحملون لهم كل الكراهية، وأسهموا فى قتل أبنائه، وتدمير اقتصاده ومقدراته.
كيف لجماعة الإخوان والمتعاطفين معها، وممدوح حمزة وأقران، التحدث باسم المصريين، رغم ما يحملونه من كراهية، ويظهرونه من حقد دفين لأى خطوة نجاح يحققها الوطن فى الداخل والخارج؟!
زيارة البابا فرنسيس حققت نجاحًا فاق سقف خيال أكثر المتشائمين، وبعثت برسائل الأمن والطمأنينة فى مصر لكل بلاد الدنيا، ولو رصدت مصر مليارات الدولارات للدعاية عن الوضع الأمنى فيها، ما حققت خُمس ما حققته زيارة البابا من نجاح.