هل يعقل أن تنام أعين مسئولى الحكومة بينما تسير قنابل موقوتة فى شوارع الإسكندرية ، وهل من المنطقى أن تسود حالة الصمت القاتل تجاه ما فجره أحد الأطباء حول إصابة مئات السائقين بالإيدز دون علمهم، مما يجعلهم مصدرا لنشر الفيروس الخطير بين أهل إسكندرية.
فمنذ أيام نشر الدكتور حاتم البنا أحد أطباء محافظة الإسكندرية استغاثة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، مشيرا إلى أنه استقبل فى عيادته سيدة ثرية جاءت ومعها فتاة يبدو من مظهرها أنها من بنات الشوارع ، وكانت الفتاة فى حالة إعياء وطلبت منه السيدة توقيع الكشف الطبى عليها ، مشيرا إلى أن الفتاة كانت حاملا، وعرف منها أنها تعرضت للاعتداء الجنسى مئات المرات فى الشارع، وسبق وأن أجهضت، مؤكدة أنها كانت تقاوم فى البداية ولكنها كانت تتعرض للضرب والتهديد، فاستسلمت لهذه الاعتداءات خوفا من المعتدين الذين يحصلون على مايريدون منها مهما قاومت.
وأكدت الفتاة كما أشار الطبيب إلى أن كل من اغتصبها اصطحب معه فى المرات التالية مجموعة من أصدقائه، وهكذا حتى وصل عدد من عاشروها جنسيا للمئات من سائقى التوك توك بالمنطقة التى عاشت فيها فى الإسكندرية، والتى أكد الطبيب أنه يحتفظ باسمها لإبلاغ المسئولين.
وأكد الطبيب أنه كتب للفتاة بعض الأدوية وأجرى لها عددا من التحاليل ، وكانت الكارثة أنه اكتشف إصابتها بفيروس الإيدز ، وأشار الطبيب إلى أن الفتاة كانت فى حالة صحية سيئة وأن السيدة تعهدت برعايتها.
وفى منشور آخر أكد الطبيب أنه توجه لقسم الشرطة لعمل محضر حتى يتحرك المسئولون للتعامل مع هذه الكارثة ، مشيرا إلى أن المسئولين بقسم الشرطة أبلغوه أنهم ليسوا جهة اختصاص وأن كل ما يستطيعون عمله هو محضر آداب للفتاة إذا وجدوها فى حالة تلبس .
وأضاف الطبيب أنه توجه للجمعية المصرية لمكافحة الإيدز ، فأخبره مسئولوها بأنه ليس فى أيديهم شيئا ، وأنهم لا يستطيعون إجبار الناس على إجراء التحاليل، وأن دورهم يقتصر على التوعية.
وأكد الطبيب أنه تواصل مع أحد مسئولى وزارة الصحة ، والذى لم يبد اهتماما بالموضوع وقال له :" حضرتك عارف إن الإيدز لا ينتقل عن طريق الأكل والشرب والهوا ، وإن مريض الإيدز بيقدر يتعايش مع الفيروس لسنوات طويلة ، الإيدز مش هو اللى بيجيلنا إحنا اللى بنروحله عن طريق المخدرات بالحقن والعلاقات الجنسية المتعددة ، يبقى مفيش مشكلة".
وإذا صدقت رواية الطبيب التى لم يكذبها أى مسئول ، فإننا سنكون أمام كارثة محققة يتجاهلها كل المسئولين، تهدد الآلاف من أهل الاسكندرية بالإصابة بفيروس الإيدز ، فالفتاة التى يتحدث عنها الطبيب قد تتخلى عنها السيدة التى تولت رعايتها إذا ما عرفت بحقيقة إصابتها بفيروس الإيدز ، لتعود مرة أخرى للشارع، ويستمر مسلسل نقل الفيروس للمئات ، فضلا عن انتقال الفيروس لجنينها الذى تحمله بين أحشائها دون أن تعرف أباه .
أما عن السائقين الذين عاشروا الفتاة جنسيا وانتقل لهم فيروس الإيدز فإنهم سينقلونه للمئات بل والآلاف إذا ما ذهب أيهم لإجراء جراحة أو عيادة أسنان أو حتى لحلاقة ذقنه ، وحتما سينقلونه إلى زوجاتهم، ومنهن إلى الأبناء إذا ما حملت الأمهات بعد إصابتهن بالفيروس.
ظننا أن تنقلب الدنيا رأسا على عقب وأن وتعلن كافة الوزارات حالة طوارئ للتحقيق فى الواقعة وبيان مدى صحتها سواء بتقديم الأدلة على كذب الطبيب و نفى الواقعة، أو باتخاذ كافة الإجراءات لمحاصرة الفيروس إذا ثبت صحة ما قاله الطبيب ، لحماية أهالى الإسكندرية، ولكن لم تصدر أى جهة بيانا أو تهتم بالأمر، واكتفى الدكتور مجدى حجازى، وكيل وزارة الصحة بمحافظة الإسكندرية، بإعلان أن الدكتور حاتم البنا لا يعمل فى أى من المستشفيات والمراكز الطبية التابعة لمديرية الصحة بالإسكندرية ، ولم يتحدث وكيل الوزارة عن صحة أو كذب الواقعة .
كان يجب أن تتحرك كل الوزارت لحماية المواطنين باستجواب الفتاة ومحاولة جمع معلومات عن هؤلاء السائقين الذين أقاموا معها علاقات جنسية، وتقديم الرعاية اللازمة لها ولجنينها وضمان عدم عودتها للشارع مرة أخرى ، وإطلاق حملات فى المناطق التى عاشت فيها الفتاة للكشف على المواطنين وخاصة السائقين وإجراء تحاليل للتأكد من إصابتهم بالفيروس من عدمه ، والتشديد على سرية نتائج هذه التحاليل ، ورفع حالة الطوارئ بالمستشفيات حتى لا ينتقل الفيروس إلى آخرين ، وإطلاق حملات توعية لمحاصرة الفيروس.
فهل يتحرك المسئولون قبل أن تزداد الكارثة ويستمر مسلسل انتقال الفيروس للمئات بهذا الصمت القاتل الذى لا ينفى الواقعة ولا يتعامل مع الكارثة؟