يقودك كل عنوان من عناوين كتاب "التاريخ الجنسي للإنسان "للكاتب الصحفي صلاح حافظ إلي تفاصيل مدهشة،سنعرف أن الإنسان الأول ترك لنا مخلفات عرفنا منها بضعة أشياء عن سلوكه الجنسي،وأدركنا أنه عرف متعة الجنس،واحتفي بها قبل أن يعرف صلتها بإنجاب الأطفال .
سنعرف تاريخ "تجارة الهوي"كأقدم التجارات،وفيها نقرأ أن هناك شيئان لاتكتمل بغيرهما صورة الحياة اليونانية القديمة :الآلهة العذراء "أثينا،والغانيات،فمنذ فجر التاريخ اليوناني والحديث لا يكف عن الغانيات،شعرا ونثرا،إلي حد أننا نعرف من أسمائهن عشرة أضعاف ما نعرف من أسماء الزوجات المصونات ن ولكن العصر الذهبي للغانيات كان حوالي القرن الرابع قبل الميلاد،حين لم يعد في اليونان فنان أو فيلسوف أو كاتب إلا وله عشيقة تتحدث بقصتها معه،وقد كان لغانيات اليونان ولع خاص بنجوم الحياة الثقافية،ولكن طموح بعضهن كان يتجاوز عالم الفكر إلي عالم السياسة،سعيا وراء الثرثرة والسلطة،ولبست إحداهن بالفعل تاج الملك بعد الغزو الفارسي لليونان،وفي عصر الإسكندر الأكبر كانت مواهب الجميلات تستخدم كثيرا في أداء خدمات سياسية،وكانت أحداهن–تاييس–عشيقة للإسكندر ذاته،ثم تنازل عنها لقائده الأكبر بطليموس الذي صحبها معه إلي مصر،وأجلسها معه علي العرش،فكانت الجدة الأولي لملوك البطالسة،وكانت كليوباترا آخر أحفادها.
تحت عنوان"إعادة تعريف الحب"،يتحدث الكتاب عن أن العصور الوسطي في أوربا أقرت في عالم الأخلاق،نفس المبدأ الذي جرت عليه المجتمعات القديمة،وهو أن لكل فئة أخلاقياتها الخاصة،ولا يجوز أن تفرض أخلاق واحدة علي المجتمع كله،وبناء علي ذلك استمرت محاكم التفتيش تذبح الملايين من أفراد الشعب بتهمة الاشتباه في سلوكهم الجنسي،بينما استمر السادة وأتباعهم يمارسون الحرية الجنسية في إطار"أخلاقيات الفرسان"التي تمجد المغامرات الغرامية ،وتنسج للعلاقات المحرمة ثيابا تنكرية نبيلة تظهر بها علي الملأ دون خجل،ويذكر"حافظ "أن كلمة"الحب"هي الخامة الأساسية التي نسجت منها تلك الثياب في العصور الوسطي،وهي ككلمة كانت معروفة من قبل،ولكن العصور الوسطي أذابت معالمها الجنسية في بحر من المعاني النبيلة الغامضة،حتي لا يجزع منها عصر الاستنكار العام للجسد والتعصب المسيحي ضد نزعاته،والتصق هذه المعاني بكلمة الحب حتي عصرنا الحاضر،فمع أنها كانت أول الأمر مجرد ستار للتمويه علي غريزة الجنس ، إلا أنها سرعان ما ترسبت في وجدان الناس وأثرت عليه ، وغاصت جذورها في أعماق تربته بحيث لم يعد ممكنا أن تقتلع ، وكان الفضل في هذا أولا وأخيرا للشعراء .
كان رائد هذه الطائفة من الشعراء في العصور الوسطي نبيلا فرنسيا اسمه الدوق وليم التاسع ،وله حكاية طريفة يرويها حافظ وهي ، أنه اضطر ذات يوم أن يؤلف جيشا يشارك به في الحروب الصليبية ، فكان عدد المحظيات اللواتي سافر بهن لايقل عن عدد الجنود ، وعندما عاد مهزوما من الأراضي المقدسة كان كل مابقي من جيشه هو المحظيات .
يشمل الكتاب الصادر ضمن سلسلة "الكتاب الذهبي –روزاليوسف " برئاسة تحرير أسامة سلامة ،علي عناوين أخر تتحدث عن "معاشرة الشيطان " و"حزام العفة " والأمراض التي تنقل من مزاولة الجنس ، وأهمها الزهري ، ونشأة الكنيسة البروتستانتية وعلاقة الأمر بالجنس والسماح بالطلاق عند البروتستانت ، وتأثير الثورة الصناعية علي الجنس وزيادة الانتاج.