منذ أن بدأت الأزمة السورية والتحذيرات لا تنتهى عن مخططات التقسيم الجاهزة كخيار نهائى لهذه الأزمة، والإرهابيون الذين تم إدخالهم إلى الأراضى السورية والإنفاق عليهم، ومدهم بالسلاح والعتاد هم فى الأساس محطة لتنفيذ هذه المخططات.
قبل أيام كانت الأزمة على موعد مع ثلاثة تطورات مهمة وهى، إنشاء «مناطق آمنة» تشمل أربعة أماكن هى «إدلب» وأجزاء من حلب واللاذقية وحمص، ثم التحركات العسكرية الأمريكية والأردنية والبريطانية على الحدود الأردنية السورية، وبين «المناطق» و«التحركات» تأتى ما سميت بـ«وثيقة حوران» التى تعد من أخطر الأفكار الكاشفة عن مخططات التقسيم.
جرى الحديث عن هذه الوثيقة منذ ما يزيد على أسبوع، وتم توقيعها من شخصيات سورية معارضة تقيم فى تركيا، وتنص على «إقامة إقليم أو منطقة حكم ذاتى تضم «درعا» و«السويداء» و«القنيطرة» فى جنوب سوريا، ويطلق عليه «إقليم حوران الجنوبى»، وتدعو الوثيقة لوضع مشروع إدارة محلية لا مركزية فى محافظة «درعا بجنوب سوريا، ويتم التسويق له بوصفه بدية لتطبيق نظام «فيدرالى» فى سوريا، وتضع الوثيقة أسسا وقواعد لتنظيم الجوانب الإدارية والخدمية والقضائية والقانونية والإعلامية والتعليمية والثقافية والدينية فى المحافظة، وتتضمن مبادئ وتفصيلات قانونية تتعلق بالملكية والأحوال الشخصية والحريات العامة.
الربط سهل بين المنطقة الجغرافية التى تتحدث عنها «وثيقة حوران والمناطق التى يتم فيها الحشود العسكرية على الحدود الأردنية السورية»، فتجمع هذه الحشود وفقا لما ذكرته فضائية «الميادين اللبنانية» يتم على الحدود الجنوبية لمحافظتى السويداء ودرعا، وأنه يوجد 4500 مسلح ممن تم تدريبهم منذ فترة، إلى جانب هذه القوات ويتمركزون فى منطقة «التنف» على الحدود السورية، وفى الوثيقة سنجد أن منطقة الحكم الذاتى التى تتحدث عنها يدخل فيها «السويداء»، مما يقوى مسألة التوقع بأنه لو تم العدوان الأردنى الأمريكى والبريطانى سيكون الحاصل فى حال نجاحه هو تكريس مسألة «الإقليم الجنوبى» كأحد الأقاليم فى ما يسمى بـ«الاتحاد الفيدرالى السورى».
معلوم أن أى تقسيم بلد عربى يصب فى مصلحة إسرائيل، وعلى هذا الأساس، أصدر مركز «بروشليم لدراسة المجتمع والدولة» ويرأسه وكيل وزارة الخارجية السابق الإسرئيلى «دورى غولد»، تقريرا قال فيه، إن إقليم يضم درعا وجبل الدروز «السويداء» والقنيطرة يعد من أفضل الخيارات التى يمكن أن تسفر عنها التسوية الشاملة للصراع فى سوريا، وقال إنه لوتم تطبيق ما جاء فى «وثيقة حوران» فإن فرص تحول منطقى جنوب سوريا إلى مناطق تهديد لإسرائيل سواء من خلال وجود إيران وحزب الله تتقلص إلى حد كبير، وأقر بأن ما جاء فى هذه الوثيقة يعنى عمليا تقسيم سوريا.
هناك أطراف سورية معارضة مثل «هيثم مناع» و«خالد الحاميد، حيث أعلنا أنهما يرفضان هذه الوثيقة، من باب رفضهما لتقسيم سوريا، ويشير ذلك إلى أن هذه المسألة ليست خيارا لكل أطياف المعارضة السورية، وإنما هى توجه لسوريين هم عملاء للمخابرات الأمريكية والإسرائيلية، والتركية، ومعنى إطلاق مثل هذه الوثيقة فى هذا التوقيت هو أنها تخرج كنوع من الاختبار الجدى على الأرض، وفى حال وجدت طريق النجاح سيتلوها وثائق أخرى لأقاليم سورية أخرى.
يبقى فى هذا الأمر كلمة الشعب السورى الذى اكتوى بنار هذه الحرب اللعينة التى تؤججها كل أجهزة المخابرات، وتبقى كلمة الأطراف الإقليمية التى سيعود تقسيم سوريا عليها بضرر كبير.