دون دخول فى تفصيلات شائكة، ما الذى جناه سالم عبدالجليل من إثارة فتنة عقيدة المسيحيين؟.. أولًا: لقى استنكارًا واستياء من غالبية المصريين، لأن أواصر العلاقات بين أبناء الوطن على أرض الواقع أكبر بكثير من محاولات الفتن.. ثانيًا: فقد برنامجه على إحدى الفضائيات، وسيجد صعوبة كبيرة فى مجرد الظهور، وأصبح داعية بلا صوت أو منبر.. ثالثًا: لم يكن اعتذاره مقبولًا، بعد إصراره على العناد، فبدا فى شكل الخائف من العقاب، وليس المقتنع بالاعتذار.. رابعًا: أضاع تاريخه فى الدعوة، ولن يذكر له الناس سوى أنه من حاول إشعال الفتنة.
الدروس المستفادة فى المستقبل كثيرة، أهمها أن السلم الاجتماعى خط أحمر، فلا يجوز تمزيق وحدة الأمة، أو العبث بالحياة الآمنة وتخريب الاستقرار، من أجل الظهور والشهرة والاندفاع غير المحسوب نحو إشعال الحرائق، بينما وقفت مصر مؤخرًا على قلب رجل واحد، ضد حوادث الكنيستين فى طنطا والإسكندرية، ولم تفرق متفجرات الغدر بين مسلم ومسيحى، وامتزجت دماء الشهداء الطاهرة، لتؤكد دليلًا راسخًا على التماسك والالتحام فى أوقات الشدة، فما كان من سالم عبدالجليل إلا أن أهال التراب على المشاعر الطيبة وروح التعاون والإخاء، مما يحتم الانتباه لمثل هذه الفتن فى المستقبل، وتفويت الفرصة على صانعيها، لأن المستهدف هو مصر ووحدة شعبها، وإثارة القلق كلما خيّم الهدوء.
من أهم الدروس المستفادة من فتنة سالم عبدالجليل - أيضًا - أن المصريين أصبحت لديهم مناعة قوية، وانعكس ذلك فى ردود الأفعال القبطية، التى اتسمت بالهدوء وعدم الانفعال، وعدم إعطاء الأمر أكبر من حجمه، لتأكدهم أنه لا يعبر إلا عن نفسه، ويأتى فى سياق الأصوات المحرضة، التى تهب كالخماسين من حين لآخر، والدرس المستفاد مستقبلًا هو الاحتماء بالوطن، وتغليب العقل والحكمة، وترسيخ سيادة القانون لردع من تسول له نفسه المساس بالعقائد أو ازدراء الأديان، بدلًا من الانفعال والتشنج وإطلاق الاتهامات.
ما قاله سالم عبدالجليل لم يُحدث شرخًا، وكان فتنة لها آثار إيجابية رغمًا عنه، ونبّه عموم المصريين إلى المتربصين بوحدتهم، ويعتلون منابر إعلامية منتشرة، تعمل بطريقة التغلغل الناعم، انتظارًا لفرصة لن تجىء أبدًا، لأن الشعب الذى اكتوى بالنار لن يقبل أبدًا العودة إلى عام الرمادة الذى عشناه تحت حكم الإخوان.
الجائزة الأولى.. كلاشينكوف!
شر البلية ما يضحك، وما يضحك هو الخبر الذى نشرته «انفراد»، نقلًا عن «رويترز»، بأن تنظيم «القاعدة» فى اليمن ينظم مسابقة رمضانية، والجائزة الأولى «كلاشينكوف»، أى بندقية آلية سريعة الطلقات صنعت فى الصين، أما أسئلة المسابقة فتدور حول النصوص التى تجيز قتل المرتد، وتحديد ثلاث مواد فى الدستور اليمنى تتعارض مع الشريعة الإسلامية.. والسؤال هنا: ماذا سيفعل الفائز الأول بالكلاشينكوف، خصوصًا إذا كان امرأة أو طفلًا؟.. إنه شهر رمضان الذى تسلسل فيه الشياطين، وتطلق الملائكة، ويحمل بشائر الخير والرحمة وحرمة الدماء، شهر الفرحة والبهجة وصلاة الفجر والتراويح، وليس الكلاشينكوف.
لن ننسى أبدًا أنهم قتلوا جنودنا الأبرار فى رمضان، فى سيناء، وفى حكم المعزول والإخوان وهم يرفعون أيديهم بالدعاء «اللهم إنى لك صمت وعلى رزقك أفطرت»، وخرج علينا المعزول مناديًا بالحفاظ على حياة الخاطفين والمخطوفين، ضاربًا بالدماء الطاهرة وبالأحزان عرض الحائط، وها هم أهله وعشيرته وحلفاؤه يستبدلون بجوائز مسابقة رمضان من العمرة وأشياء تنفع الناس.. الكلاشينكوف.
وصايا صندوق النقد الدولى لمصر
بعثة صندوق النقد الولى التى غادرت القاهرة مؤخرًا لم تطلب من مصر زيادة أسعار الوقود، لأن ذلك يؤدى لضغوط تضخمية، وأوصت الحكومة المصرية بالتصدى العاجل لارتفاع معدلات التضخم، والتحرك سريعًا نحو تقوية شبكات الأمان الاجتماعى، ومكافحة الفقر، ومساندة الطبقات الفقيرة فى المجتمع؛ حفاظًا على حالة الاستقرار الاجتماعى والسياسى وزيادتها المرحلة المقبلة، حتى يمكن جنى ثمار الإصلاحات الاقتصادية.
هذا معناه أن الأوضاع الاقتصادية فى المستقبل ستكون أهدأ وأفضل، وبدأت البشائر فى آلاف السائحين الذين يتوافدون على الغردقة وشرم الشيخ، وزيادة الصادرات وتراجع الواردات، ومن المتوقع أن يؤدى استمرار التحسن إلى انخفاض فى سعر الدولار مقابل الجنيه فى حدود 20٪، يقابله انخفاض فى الأسعار بنفس النسبة.
وأشادت بعثة الصندوق بجهود الحكومة المصرية فى مكافحة الفساد، وأبدت الاستعداد لمساندات قوية من البنك الدولى والمنظمات الأممية فى هذا المجال، وهى شهادة ترفع الجدارة الائتمانية لمصر، وتطمئن الاستثمارات الدولية للعودة إلى البلاد، بعد سنوات عجاف خرجت فيها الأموال وهاجرت الاستثمارات.. وهذا معناه أيضًا أن الشعب العظيم الذى تحمل فاتورة الإصلاحات بجَلد وصبر، يجب أن يتصدر الصفوف التى تقطف ثمارها، وأن يتم تدعيم نظم الحماية الاجتماعية، لتوفير حياة كريمة للفقراء والفئات الأشد احتياجًا.
الدكتور مصطفى الفقى
يستطيع أن يجعل الإسكندرية عاصمة الثقافة فى مصر، ومنبرًا للوعى والتنوير والريادة، ويمتلك كل المؤهلات التى تمكنه من تحقيق ذلك، وأهمها القدرة على التواصل ولم الشمل ومد الجسور، وتحية للدكتور إسماعيل سراج الدين الذى واجه ظروفًا صعبة فى السنوات الأخيرة، أثرت على نشاطه وهمته وعزيمته، وأفقدت المكتبة رونق وبريق السنوات الأولى، فالمكتبة ليست مجرد «مبنى شيك» على الكورنيش، ولكن يجب أن تعود كخلية نحل ومركز للإشعاع والإبداع.. مبروك للدكتور مصطفى الفقى، وفى انتظار رؤى المفكر وبصمات المثقف .