إلى هذا الحد أصبح مقعد قيادة مصر العظيمة، الذى جلس عليه مينا، وخوفو، وخفرع، ومنتحوتب الثانى، وأحمس، وأمنحتب الثالث، وتحتمس الثالث، ورمسيس الثانى، ومحمد على، وجمال عبدالناصر، مستباحًا عرضه وشرفه، للدرجة التى دفعت الراقصات، وأشباه الرجال، و«المقاطيع»، ومجهولى النسب السياسى للتفكير فى خوض الانتخابات الرئاسية 2018؟!
منذ 25 يناير 2011، تجمع الشتات فى محاولة لتشكيل اتحاد ملاك الثورة، وفشلت الفكرة، نظرًا للصراع الدامى بين النشطاء وأدعياء الثورية، وتكفير بعضهم البعض، ومحاولة توزيع المغانم بشكل مبكّر، فغادر الشرفاء الميدان، ولم يتبق إلا العشرات، من المشتاقين للسلطة والشهرة وجمع المال، وقرروا احتكار الثورة، وأصبحوا المتحدثين الرسميين باسمها، فدشنوا خطابًا شتّامًا ووقحًا، ونصبوا أنفسهم مانحى صكوك المواطنة لمن يشاءون، ونزعها ممن يشاءون.
ووسط هذا الانقسام الشديد، حاول البعض ممن يطلقون على أنفسهم نخبًا، من عينة محمد البرادعى، وأيمن نور، وحمدين صباحى، وممدوح حمزة، وعبدالمنعم أبوالفتوح، وخالد على، وعلاء الأسوانى، وعمرو حمزاوى وغيرهم كثر، التودد والتقرب من أدعياء الثورية، وائل غنيم، وأحمد دومة، وأحمد ماهر، وعلاء عبدالفتاح، ومصطفى النجار، وعبدالرحمن يوسف القرضاوى، وعبدالرحمن عز، وآخرين، وذلك للحصول على دعمهم باعتبارهم أفراس الرهان التى يمكن لها حسم المنافسة للجلوس على مقاعد السلطة.
لذلك شكلوا ما يشبه الشركة القابضة لأحزاب وحركات وائتلافات ثورية، وقنوات فضائية، وصحف ورقية، للاستثمار وتوظيف الحراك الثورى للسيطرة على السلطة بكل مكوناتها، إلا أنه على الضفة المقابلة، كانت جماعات وتنظيمات إرهابية، بقيادة جماعة الإخوان، تخطط وتدبر الأمر للسطو على الثورة، وتسخير كل القوى المدنية لخدمة مصالحهم، ونجحوا فى اختطاف الثورة بنجاح مبهر، وفشلت الشركة القابضة أيضًا فى تحقيق أى هدف من أهدافها.
ووسط فشل مسيرة اتحاد ملاك الثورة، والشركة القابضة، ظهر الأداء السياسى الفردى الضعيف، فوجدنا حمدين صباحى، وخالد على، وعمرو موسى، يقررون خوض الانتخابات الرئاسية 2012، إلا أن الشارع كانت له كلمة مغايرة، حيث دفع بمحمد مرسى العياط «الإخوانى»، وأحمد شفيق أحد «عتاولة» نظام مبارك، إلى مرحلة الإعادة، وكانت رسالة مهمة مفادها أن الشعب لا يحترم سوى الوضوح وأصحاب المبادئ الثابتة. وعالم الفيزياء الشهير، الألمانى ألبرت أينشتاين، له تعريف عبقرى للغباء حيث قال : «الغباء هو أن تعيد فعل الشىء بنفس الطريقة، وتتوقع نتائج مختلفة»، وهو الأمر الذى يمارسه عدد كبير ممن يطلقون على أنفسهم نخبًا ونشطاء حاليًا.
هؤلاء خرجوا علينا فجأة يستخرجون من مخزون أفكارهم المعلبة، والمنتهية الصلاحية، لترشيح شخصيات خاوية، من بينهم من هتف «يسقط يسقط حكم العسكر»، ومنهم من ساند ودعم جماعة الإخوان الإرهابية، ومنهم من ينتمى لأفكار الجماعة، والمتعاطف القوى معها، ومنهم من سطر فشلًا كبيرًا فى سباق الانتخابات المختلفة، سواء برلمانية أو رئاسية، وذلك لمساندتهم ودعمهم فى سابق انتخابات الرئاسة 2018.
ومن بين الذين خرجوا علينا متقمصًا دور الناصح الأمين بعد فشله فى تأدية دور المرشح لخوض انتخابات الرئاسة مرتين متتاليتين، وفشل فشلًا مروعًا، الأستاذ حمدين صباحى، حيث بادر بترشيح ثلاثة يعتبرهم الأهم والأفضل من بين 92 مليون مصرى، وذلك خلال حواره لصحيفة «القدس العربى»، التى يتردد أن رجال أعمال قطريين يمتلكونها، بعد شرائها من الصحفى الفلسطينى، عبدالبارى عطوان.
حمدين صباحى، لا يرى من بين 92 مليون مصرى سوى خالد على، ومعصوم مرزوق، وهشام جنينة، لخوض أحدهما انتخابات الرئاسة 2018 أمام عبدالفتاح السيسى.
خالد على، الذى خاض انتخابات 2012، ولم يحصل إلا على صوته وأصوات الموظفين فى المركز الحقوقى الخاص به، وبضع عشرات من مرضى التثور اللاإرادى، يعتبره حمدين صباحى عبقرى زمانه، وصاحب العقلية السياسية والاقتصادية الفذة، والمتمتع بمهارات الإدارة الحديثة، التى اكتسبها من إدارته لمظاهرات الفوضى، والتى رددت شعار «يسقط يسقط حكم العسكر». كما رشح صديقه السفير معصوم مرزوق، ونسأل حمدين صباحى سؤالًا بريئًا: كيف ترشح من كان مسؤولًا عن إدارة حملتك لخوض الانتخابات الرئاسية 2014، التى حصلت فيها على المركز الثالث بعد الأصوات الباطلة؟، وهل يستطيع بعد فشله فى إدارة حملتك أن يقنع ولو العشرات من المواطنين كمرشح للرئاسة؟!
أما ترشيح هشام جنينة، وما أدراك ما هو هشام جنينة، فإن حمدين صباحى ارتكب خطأين كارثيين، الأول أن هشام جنينة متزوج من فلسطينية، ومن ثم لا تنطبق عليه شروط الترشح، والثانى أن هشام جنينة محسوب وبكل لغات العالم على جماعة الإخوان المصنفة إرهابية قانونًا، فكيف إذن يسقط الزعيم الحزبى والناشط الثورى حمدين صباحى مثل هذه السقطة؟!
ومن خلال ترشيحات صباحى لهذه الشخصيات لتخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، تتكشف حقيقة أن الرجل لو فاز فى الانتخابات الرئاسية الماضية، كنا سنرى خالد على رئيسًا للوزراء، ومعصوم مرزوق رئيسًا لديوان رئاسة الجمهورية، وهشام جنينة وزيرًا للعدل، وخيرت الشاطر مستشاره السياسى، وعبدالمنعم أبوالفتوح وزيرًا للصحة، وأحمد دومة وزيرًا للشباب، وعلاء عبدالفتاح وزيرًا للاتصالات.
ولا نملك حيال ترشيحات حمدين صباحى لخالد على، ومعصوم مرزوق، وهشام جنينة ليخوضوا الانتخابات الرئاسية المقبلة، سوى أن نشكر المصريين الذين أسقطوه مرتين فى انتخابات 2012 و2014!