ما جرى فى شرم الشيخ مساء الخميس الماضى هو فضيحة بكل المقاييس، ونصب علنى على الجهات والهيئات المعنية بالموافقة على تنظيم مسابقة مزعومة باسم «ملكة جمال العرب» لعام 2015.
وتعريض بسمعة مصر وتشويه صورتها بإقامة مثل هذه المسابقات الوهمية المعروفة الأغراض، واستغلال الظروف الصعبة التى تمر بها السياحة المصرية وخاصة فى مدينة شرم الشيخ، والحاجة إلى فعاليات ترويجية لجذب السياح إليها مرة أخرى.
ما شاهدناه عبث و«تهريج» وسخف أمام ملايين المشاهدين باستعراض متدنٍ وبائس لمن يسمون ملكات جمال العرب، فلم نشاهد ملكات ولم نر أى نوع من الجمال، وإنما استعراض أجساد لا تمت للجمال بأى صلة، ووجوه تعلوها المساحيق الفجة والبدائية مثل ما نراه فى فتيات كليبات الأغانى الشعبية، وكانت هذه المسابقة تستحق لقب مسابقة «تشويه جمال العرب».
الفضيحة اكتملت باتهامات ومشادات بين المشاركين والمنظمين ولجان التحكيم وتحرير محاضر ضد رئيسة المهرجان، وهى سيدة اسمها حنان نصر، بتهمة تقاضى رشاوى منهن، ومن المتسابقة المغربية سلمى كظموت التى فازت باللقب.. وبسبب فضيحة الرشاوى انسحبت أيضا لجنة التحكيم المكونة من الفنانات «رولا سعد وأميرة فتحى وجيهان قمرى وساندى، والإعلامى خالد عبدالحميد»، بسبب التلاعب فى النتيجة وإعلان فوز المتسابقة المغربية.. واستمرت الفضيحة بما تردد بأن مقدمة الحفل انسحبت من تقديم المسابقة المزعومة التى أقيمت برعاية هيئة تنشيط السياحة فى إحدى المنشآت السياحية بشرم الشيخ، بسبب تناولها خمورًا أصابتها بالإعياء، واضطرت رئيسة المهرجان إلى تقديم الحفل بنفسها..! قمة العبث جاء لحظة إعلان النتيجة وفوز المتسابقة المغربية، وصرخات بالاعتراض، واتهامات بالرشوة، ومشادات كلامية على مرأى ومسمع من كل من حضر من المسؤولين وغيرهم. محضر «فضيحة مسابقة ملكة جمال العرب» انتقل من المسرح والاستعراض إلى النيابة للتحقيق فيما جرى.
المسألة هنا لا تنحصر فقط فى محاضر للنيابة واتهامات ومشادات ثم تحقيقات فى الواقعة.. وإنما تتسع - ويجب أن تتسع- لتشمل التحقيق فى فضيحة تنظيم مثل هذه المهرجانات والمسابقات دون التدقيق والتحرى والتأكد من القائمين عليها. وليس مجرد الترحيب بأى جهة تستغل الأوضاع السياحية السيئة فى شرم الشيخ للتربح والارتزاق على حساب سمعة البلاد وبعلم وزارة السياحة، إذا كانت هيئة تنشيط السياحة هى الجهة الراعية لما حدث فعلا.
الفضيحة لم تتوقف فقط عند حدود البلاغات والاتهامات فى شرم الشيخ فقط.. بل تجاوزت الحدود إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث المقر الرسمى لمنظمة ملكة جمال العرب التى أصدرت بيانا أمس تنفى صلتها بالمسابقة التى أقيمت فى شرم الشيخ، ولا علاقة لها بها من قريب أو بعيد، وطالبت جميع وسائل الإعلام العربية المقروءة والمرئية بتصحيح أخبارها وعدم استخدام اسم «ملكة جمال العرب» وإلا وقعت تحت طائلة القانون. المنظمة كشف فى بيانها أن المسابقة المزعومة تستخدم مسميات مختلفة منها «مهرجان السياحة العربية التاسع»، و«مسابقة الفتاة العربية المثالية»، وأكدت أنها منظمة خيرية غير ربحية وغير حكومية تعمل على تمثيل المرأة العربية عالميًا وتساعد النساء والأطفال واللاجئين حول العالم.
هذه الفضيحة نهديها إلى معالى وزير السياحة هشام زعزوع لفتح تحقيق عاجل حول الواقعة، فليس بمثل هذه الفضائح يتم التنشيط للسياحة فى مدينة شرم الشيخ وجذب السياح إليها، ونقع ضحايا لعمليات نصب واتجار بسمعة مصر. فمن وافق على المسابقة، ومن منح التراخيص، ومن قام بالرعاية، ومن دقق فى حصول المسابقة على العلامة التجارية المسجلة عالميا؟ هل بلغت الإهانة بسمعتنا إلى هذا الحد؟!