مطلوب وزارة للكرامة

لا أعلم السر في حالة البلادة التي وصلنا إليها عند سماع خبر مقتل مواطن مصري بالخارج في جريمة جنائية مكتملة الأركان البعض يكتفي بالتعاطف والدعاء بالرحمة، والبعض الآخر يطلب على استحياء محاسبة الجناة لو وجدوا، والسواد الأعظم لا يكترث لأنه مشغول بما هو أهم سواء مباريات كرة القدم أو البرلمان وقت أن كان مادة للسخرية –وهو يستحق- أو حتى الحديث عن بلالين شادي ومالك، وسجادة الرئيس التي تصدرت صفحات الصحف، ومداخلات برامج الهري المسائي.

في الحقيقة، كل الحوادث الجنائية التي تقع لمصريين بالخارج لم تلق الاهتمام المناسب، كما تفعل الدول المحترمة، حتى إن حالة اللامبالاة تلك، وصلت إلى وسائل الإعلام التي أصبحت تغض الطرف عن متابعات تلك الجرائم، وربما كان السبب أن الفائدة المرجوة من النشر مفقود الأمل فيها.

ناهيك عن العشرات من الجرائم التي ترتكب في حق المصريين بالخارج ولم تعرف طريقها لوسائل الإعلام من الأساس فتمر مرور "اللئام"، ولا يعود حق لضحية أو مصاب أو حتى كرامة وطن. وفي الوقت الذي تعلن فيه الإمارات عن استحداث وزارتي السعادة والتسامح فإن المواطن المصري بدأ يفقد الأمل في حياة كريمة بأقل مقوماتها.

لا داخل البلاد ولا خارجها، فالشرطة عادت لتصرفاتها "الفردية" بالتنكيل والتعذيب والمعاملة السيئة والتعالي والعجرفة، مع كل فئات الشعب حتى الأطباء، والخارجية لا تحرك ساكنا في قضايا الأفراد لانشغالها بقضايا "أكبر منها" مثل سد النهضة والرد على انتقادات الدول الأخرى التي تحترم مواطنيها، فضلا عن غلاء الأسعار وانهيار الأخلاق واستمرار مسلسل الفساد.

أحدهم كتب ساخرا منذ فترة على "فيسبوك" إن جواز السفر الأمريكي كُتب عليه "حامل هذه الجواز تحت حماية الولايات المتحدة الأمريكية فوق أي أرض وتحت أي سماء"، والكندي مكتوب عليه "نحرك أسطولنا من أجلك"، أما البريطاني فمكتوب به "ستدافع المملكة المتحدة عن حامل هذا الجواز حتى آخر جندي على أراضيها"، بينما المصري فمذكور به أن المواطن يدفع غرامة حال فقده.

ورغم أن النكتة مضحة، إلا أنها مؤلمة حد البكاء، ومثيرة للشفقة على شعب "كان" يصدر الثقافة والحضارة والعلم إلى دول العالم، حتى أصبح من أرخص الأيدي العاملة، وأيضا من أقل المواطنين في العالم حماية وكرامة، حتى في الدول العربية الشقيقة.

لا أستبعد أن يُحاكَم المواطن المصري الذي يقتل خارج البلاد على تسببه في ألم نفسي للقاتل، أو حتى تلقيه توبيخا من أولي الأمر في بلده، كما أنني لم أستبعد أن تستخدم دولة مثل إيطاليا كل تلك الأساليب الدبلوماسية والقضائية وفرق التحقيق والطب الشرعي والمكالمات غير المعلنة مع الجانب المصري من أجل مقتل أحد رعاياها على أرض مصر، وتكليف وزير الداخلية المصري نفسه عناء التحضير لمؤتمر صحفي خصيصا حتى يبرئ الدولة من التورط في قتله؟.

وغيرها من النماذج التي تدعو للاحترام مثل المكسيك وروسيا، فتلك الدول تعلم أن الحكومات لديها تعمل من أجل كل فرد يحمل جنسية بلادها، وتهتم بالحفاظ على كرامته، وتصون حقه، لا أن ترتكب هي الجرائم في حق مواطنيها، وفي النهاية نحن لا نحتاج وزارة للسعادة، قدر احتياجنا إلى "وزارة للكرامة".



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;