فى أحد المقاهى بالقاهرة الكبرى، تواجد مجموعة من الأصدقاء المثيرين لرغبة الكثيرين للانضمام إليهم.. فهذه المجموعة تضم أناسًا من مختلف الأعمار والجنسيات والثقافات، والأغرب أنهم يتأقلمون مع بعضهم البعض فى حواراتهم، حيث لديهم درجة عالية من تقبل الآخر المتشابه والمختلف.. وفى جلستى معهم بالأمس دار حوار.. قال الأول: "حد بيشوف مسلسل عادل السنة دى؟ تتوقعوا حلو؟". رد الثانى: "عادل إمام لو عمل أى حاجة الناس هتشوفها". علقت صديقتهم العراقية: "ده عادل إمام يعنى رمز.. إحنا عندنا فى العراق لما حد يقول عادل إمام يعنى بيقول مصر". قالت الأخرى: "على فكرة هو أما بيكون فى قاعدة لازم يبقى له حد كده هو ضحية القاعدة يرمى عليه إيفيهاته". فرد أحدهم: "طبعاً ده ما شاء الله أربعين سنة من النجاح المتواصل اللى هو رقم واحد وعنده طاقة أنه يضحك القاعدين عشان أكيد عاوز يبسطهم يعنى.. دول قاعدين مع عادل إمام". رد الإماراتى: "عادل إمام بمجرد ما كان يطلع على المسرح من قبل ما يتكلم كنا نضحك". فتدخل الصبى صغير السن بسؤال لم يكن متوقعًا: "هم إزاى اللى زى عادل إمام ويسرا محافظين على أنهم يكونوا نمرة واحد لدلوقتى؟!". ردت السيدة العجوز: "يسرا بيقولوا عنها مجاملة كتير أوى فأكيد بتيجى على نفسها كتير". تدخل أحدهم: "يسرا زبونة عندى بتنزل تشترى الحاجة بنفسها وبتسلم على كل الناس وما عندهاش عُقد ومتواضعة جدًا". عاد الصبى صغير السن بعد إنصاته لهم: "بس أنتوا ما ردتوش على سؤالى.. ما هو فى نجوم كتير متواضعة.. وفى ناس كتير مش متواضعة وبيشتهروا عادى.. بس إزاى الإنسان يحافظ على أنه يكون نمرة واحد السنين دى كلها؟!!".
وهنا قام جميع الحضور بطلب الإجابة من علم النفس.
عزيزى القارئ: لكى تصل النفس البشرية للقمة لابد وأن يكون هناك حافز لوضع القمة كهدف.. ولكى تحافظ عليها لابد من وجود عوامل محيطة تساعد على هذا الحفاظ
والحافز يتنوع ما بين إيجابى وسلبى.. فتشجيع الأسرة حافز، كما أن اليتم حافز أيضاً، مرور الإنسان بصدمة قد يكون حافزًا، والفقر حافز والموهبة عند الأغنياء حافز أيضاً، الثقافة حافز، والانبهار بأحد النماذج حافز أيضاً، التشبع بالحنان حافز، والحرمان قد يكون حافزًا، وتسلط الوالدين حافز أيضاً للرغبة فى الوصول للقمة للحصول على الحرية والتخلص من تسلطهم و... و...و...إلخ.
وعند الوصول يبقى المحيطين إما عوامل زيادة تحفيز أو عوامل محبطة.. وتبقى النفس البشرية أثناء مشوار الوصول وعند الوصول فى اختبارات مستمرة أمام نفسها وصراع ما بين الواقع والخيال.. فمن يترك شهواته تسيطر عليه، أو يسمح لوصوله أن يكون مصدر تضخم للأنا لديه، أو يطمئن لوجوده بالقمة ويتجاهل استمرار السعى. فهؤلاء من السهل أن يتراجعوا إلى الخلف كثيراً.. والعكس صحيح.
إذن مما سبق فعلم النفس يتوقع أن مثل عادل إمام ويسرا لديهما من الكاريزما والذكاء الاجتماعى ما يمكن من استغلالهما فى العمل الدبلوماسى إن تطلب الأمر.. كما أنهما خالطا الكبار فى مجالهم وتعلما منهم سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.. ومن المتوقع أن زوجة النجم عادل إمام لديها من المرونة ما يجعلها من الأنفس الصالحة لأن تكون زوجة نجم بحجم عادل إمام.. كما أن زوج النجمة يسرا لديه من الرقى والدعم المساعدين على استمرار النجمة يسرا.. فاستمرار هذه الشخصيات يتطلب شريكًا للحياة من نوع معين.
كما يتوقع علم النفس أنه إذا اخترق العالم الداخلى لمثل هؤلاء النجوم، سيجد أن بأنفسهم وأحاسيسهم وسلوكياتهم خليطًا من كل شىء "الشدة، اللين، الامان، الخوف، الاكتفاء، السعى، الاستغناء الاحتياج، الوحدة، الأصدقاء، الجمود، المرونة...إلخ"، والأهم أن مشوار الوصول علمهم ما هو الوقت المناسب لكل شعور أو كل صفة.
عزيزى القارئ: إن مثل هؤلاء الأنفس يؤمنون بأهمية القرار الجماعى فيستشيران آخرين ولا يتحركان من منطلق الخبرة الفردية فقط.
والأهم أنهما أدركا حقيقة الحياة ممن قبلهما فقدرا قيمة الشهرة كرزق، فاعتدلا فى الأمور ما بين "العقل والقلب.. التواضع والتكبر.. حب النفس وحب الغير.. النجاح فى العمل وتكوين أسرة..إلخ".
أما عن مجاملات يسرا، فعلم النفس لا يرجع هذا للتضحية، بل يرجعه للطبع.. فبعض الأنفس من طبيعتها أنها معطاءة وبالتالى هى لا تشعر بأنها تضغط على نفسها لكى تفعل أمرًا ما، ولكنها تشعر بأن هذا واجب وتستمتع بأدائه.. لأنه إذا كانت تضحية لما استمرت فى شخصيتها.
مما سبق فعلم النفس يؤكد أنه ليس بإمكاننا إجبار الآخرين على حبنا.. ولكن بإمكاننا إجبارهم على احترامنا من مشوارنا إن كان مشرفاً وليس مشوهاً.
فإن أردنا الوصول للقمة ومن ثمَّ الحفاظ عليها؛ فعلينا متابعة قصص هؤلاء وغيرهم فى المجالات المختلفة.