المؤشرات كلها تقودنا إلى أن الطرق كلها أصبحت مغلقة أمام نظام الحكم فى قطر، بعدما فشل فى اختراق الموقف العربى المقاطع لنظام تميم بن حمد، بل إن دائرة المقاطعة تزداد يوما بعد الآخر، وتحول تميم ونظامه إلى مجموعة من المنبوذين إقليميا ودوليا، وليس أمامهم إلا أحد خيارين، الأول التنازل طواعية عن الحكم وتسليمه إلى شخصية أخرى من أسرة آلِ ثانى تكون لديها القدرة على فتح صفحة جديدة مع جيرانهم الخليجيين وأشقائهم العرب، أو أن يستمر تميم فى مغامرته المكتوب عليها بالفشل، وربما يلقى مصير قادة تسبب هو بأمواله القذرة فى أن يلقوا حتفهم.
الموقف فى الدوحة بالغ الصعوبة، حتى سياسة قلب الأوراق فشلت فى منحه هامش مناورة مع الدول المقاطعة له، بل إنها زادت موقفه صعوبة خاصة حينما لجأ إلى الحرس الثورى الإيرانى ليتولى حمايته فى القصر الأميرى، ويضع لترتيب عمليات إرهابية فىالدول العربية تبعد الأنظار عنه ولو بشكل مؤقت، فاستعانت تميم بإيران وحرسها الثورى أضاف لأخطائها كارثة جديدة ربما لا يصلح معها أى علاج، وهذه الكارثة تكشف إلى أى مدى يفكر تميم ونظامه ومستشاريه سواء السياسيين وعلى رأسهم عصو الكنيست الإسرائيلى السابق عزمى بشارة، أو الإعلاميين ومن بينهم عبدالله العذبة رئيس تحرير صحيفة العرب القطرية الذى يتولى حاليا إدارة الملف الإعلامى فى الديوان الأميرى، علما بأن نزعة الانتقام تتحكم فى العذبة وهو يتعامل مع الآخرين، فتاريخ هذا الرجل ملىء بالأزمات مع مصر ودول الخليج، واختياره لهذه المهمة فى الديوان الأميرى تكشف لنا ماذا يريد تميم، فهو لا يردى تهدئة، بل إشعال الموقف وزيادة التوتر فى المنطقة.
كل المعلومات الواردة من الدوحة تقول إن هناك توترا شديدا يسود الديوان الأميرى، وتخبطا أيضا فى القرارات، فالأمير الطائش يبدو فى حالة يرثى لها، وأصبح غير قادر على السيطرة، وهناك من يحركون الأمور حوله، وهؤلاء لا يهمهم تميم أو غيره، وكل ما يهمهم أن يستمر تدفق الأموال إلى حساباتهم البنكية فى الخارج، تحديدا فى بنوك لندن وسويسرا، وقد طالعنا على مدى الأيام الماضية وثائق نشرتها حسابات خاصة بمعارضين قطريين على وسائل التواصل الاجتماعى عن مبالغ مالية وشيكات تم أصدارها من الديوان الأميرى لشخصيات سياسية وإعلامية ودينية من بينها عزمى يشارك والعذبة ومفتى الإرهابيين يوسف القرضاوى، ولم يصدر أى نفى لها من جانب الدوحة، بما يؤكد مصداقيتها، وهذه الوثائق تحوى أرقاما كبيرة جرى تخصيصها لمن سيتولون الدفاع عن تميم خارجيا، بما يؤكد أن تميم ونظامه مازالا يستخدمان الأموال فى مؤمراتهمن القذرة ضد المنطقة، ومعهما قائمة طويلة من المرتزقة الذين يعرضون أنفسهم وضمائرهم للبيع مقابل الدولار.
عودة مرة أخرى إلى الخيارات المتاحة أمام تميم، وهى كما قلت أصبحت قليلة جداً، بعدما ضيق تميم من هامش المناورة أمامه بلجوئه إلى إيران ليضرب بها جيرانه الخليجيين، وأيضاً بفتحه الباب أم الحرس الثورى الإيرانى وللجيش التركى ليتخذوا من الدوحة نقطة انطلاق لتهديد دول الخليج والدول العربية، فهذا التصرف «الغبى» من تميم ونظامه أغلق أبواب التفاوض والوساطة، وحصر الخيارات أمام تميم فى أحد أمرين، إما أن يتولى عقلاء عائلة آلِ ثانى الأمر ويبعدون تميم عن الحكم ويختاروا من بينهم شخصية توافقية قادرة على التعامل مع الأزمة الحالية بشكل يحفظ لقطر عروبتها والخليج تماسكه وللأمن القومى العربى قوته، ومن واقع التعامل والمتابعة أستطيع التاكيد على أن الأسرة بها الكثير من الشخصيات القادرة على الإدارة خلال الفترة المقبلة، وإعادة قطر إلى المسار الصحيح، بعدما جعلها تميم ومن قبله والده حمد بن خليفة رهينة فى يد التنظيمات الإرهابية والدول التى لا تريد خيرا للمنطقة.
من الصعب الآن التحدث عن أسماء بعينها مرشحة لخلافة تميم، لأن طرح أى أسماء سيعرضها للانتقام من تميم الذى تحول أى ما يشبه الشخص المجنون، فمنذ اندلاع الأزمة الأخيرة وهو يقوم من خلال المخابرات القطرية المطعمة بجنسيات متعددة بحملة اعتقالات واسعة بين شباب وشخصيات قطرية بتهمة أنها معارضة له، كما أن المعارضة تتحدث عن ملاحقة لشخصيات من أسرة آلِ ثانى خوفا من تتحرك فى اتجاه مضاد لتميم وحكمه، لذلك من الأفضل أن يترك لأمر لحكماء أسرة يختاروا من يروه قادر على تصويب أخطاء تميم الكارثية.
أما إذا فشلت الأسرة فى إقناع تميم بالتخلى طواعية عن الحكم، فإن الخيار الأخر سيكون صعبا ليس فقط على تميم وإنما على قطر بشكل عام، فالأوضاع الاقتصادية تتجه للتكوين أكثر سوءا، فبعيدا عن ترديد البعض بامتلاك قطر صندوق سياسى يمكنها من الحياة بترف لسنوات طويلة، فهؤلاء نسوا أن وجود الأموال لا يكفى لتوفير احتياجات المواطنيين طالما أن الحدود مغلقة وأسواق الخليج موصدة أمامهم، كما أن إيران لن تكون بديلا عن دول الخليج فى توفير ما يحتاجه القطريون من مستلزمات تكفيهم، لذلك فإن الأزمة ستكون أصعب مما يتخيل المعجبون بسياسات تميم المجنونة، وستكشف الأيام المقبلة عن حجم هذه الأزمة إذا استمر تميم فى عناده.
الوضع الاقتصادى الصعب سيؤدى بطبيعة الحال إلى انفجار داخلى، خاصة أن القطريين معروف عنهم الحياة المترفة، ولن يتحملوا الحياة الصعبة، لذلك فإن الخيار الثانى سيكون من خلال الانقلاب ربما المسلح على تميم، انقلاب تقوده عناصر من داخل نظام تميم، ممن يتأكدون أن الوضع أكبر منهم ومن تميم، وأن النجاة تقتضى منهم القفز من سفينة تميم قبل أن تغرق بهم جميعا، ووفقا لما أرصده من تصرفات لشخصيات قطرية مسؤولة أستطيع القول أن هناك على الأقل شخصيات لهما وضعهما السياسى والأمنى أيضا داخل نظام تميم يفكرون الآن فى الهروب والبحث عن مخرج آمن بعيدا عن تميم.