يقول المتصوفون إنه حدث صدام بين إبراهيم الدسوقى، والملك الأشرف خليل بن قلاوون، بسبب فرض الحاكم المزيد من الضرائب غير المبررة على الشعب، فبعث له الدسوقى رسائل ينصحه فيها ويزجره، ويطلب منه الرحمة بالناس وإقامة العدل، فوشى المبغضون للدسوقى عند السلطان، وأغروه بقتله حتى لا يُحدِث فتنة فى البلاد، فبدأوا بإرسال طرد عبارة عن شهد مسموم كهدية من السلطان للدسوقى، فتسلم الدسوقى الهدية ثم جمع فقراء المدينة، وقال لهم «هذا شهد إن شاء الله تعالى، كُلوه ولا مبالاة بإذن الله»، فأكله الفقراء.
«سقانى محبوبى بكأس المحبة/ فتهت عن العشاق سكرا بخلوتى/ ولاح لنا نور الجلالة لو أضا/ لصم الجبال الراسيات لدكت/ وكنت أنا الساقى لمن كان حاضرا/ أطوف عليهم كرة بعد كرة»
إنه إبراهيم بن عبدالعزيز أبوالمجد الدسوقى، ينتهى نسبه إلى الإمام على بن أبى طالب، وكان مولده بمدينة دسوق فى مصر سنة 653 هـ، تفقه فى الدين خاصة على مذهب الإمام الشافعى.
«ونادمنى سرًا بسر وحكمة/ وإن رسول الله شيخى وقدوتى/ وعاهدنى عهدًا حفظت لعهده/ وعشت وثيقًا صادقًا بمحبتى/ وحكمى فى سائر الأرض كلها/ وفى الجن، والأشباح، والمردية»
كما تبحّر الدسوقى فى علوم الصوفية، وأخذ الطريقة عن عدد من الشيوخ، فكان يعلّم الناس الفقه والتصوف معًا، وكان زاهدًا عابدًا، وإليه تنسب الطريقة الدسوقية.
«وفى أرض صين الصين والشرق كلها/ لأقصى بلاد الله صحت ولايتى/ أنا الحرف لا أقرأ لكل مناظر/ وكل الورى من أمر ربى رعيتى/ وكم عالم قد جاءنا وهو منكر/ فصار بفضل الله من أهل خرقتى»
سطع نجمه، وانتشرت طريقته، حتى وصل صيته إلى كل أرجاء البلاد، ولما سمع السلطان الظاهر بيبرس البندقدارى بعلم الدسوقى وتفقهه وكثرة أتباعه، والتفاف الكثيرين حوله، أصدر قرارًا بتعيينه شيخًا للإسلام، فقبل المنصب وقام بمهمته، وكان يهب راتبه من هذه الوظيفة لفقراء المسلمين، وظل الدسوقى يشغل منصب شيخ الإسلام حتى توفى السلطان بيبرس، ثم اعتذر عنه ليتفرغ لتلاميذه ومريديه.
«غنيت عن الدنيا بفيض عطائه/ وأى عطاياهم يدانى عطيتى؟/ وصرت على بعد المسافات واصلا/ لأدنى دنو فى ارتفاعى لغايتى/ فوجه الحبيب الحق مَشرق وجهتى/ ونور الحبيب الحق ساطعُ قبلتى»
تُسمى طريقة الدسوقى بعدة أسماء، فتُسمى أحيانًا بالطريقة الدسوقية، نسبة إلى مدينة دسوق، وتُعرف أيضًا بالبُرهامية نسبة إلى اسم مؤسسها «إبراهيم»، وكذلك تسمّى بالبرهانية، نسبة إلى لقب إبراهيم الدسوقى، وهو برهان الدين.
«وما لذة العشاق إلا يقينهم/ بشملٍ جميعٍ بعد طول تشتت/ وأغسل قلبى من سواك، ولم أجد/ لنفسىَ إلا نور ذاتك بغيتى/ تعاليت بالعطف الكريم، رعايةً/ فباركت زلاتى وأمنت روعتى».