سئل أبو الحسن الشاذلى، رضى الله عنه، عن المحبة فقال «المحبة أخذة من الله لقلب عبده من كل شىء سواه، فترى النفس مائلة لطاعته، والعقل متحصناً بمعرفته، والروح مأخوذة فى حضرته، والسر مغموراً فى مشاهدته، والعبد يستزيد فيزاد»
«شربنا كأس من نهوى جهارا/ فصرنا بعد رؤيته حيارى/ غمضنا الحال والكيسان تجلى/ ظننا أن فى الكيسان نارا/ مشعشعة لها نور عظيم/ ولا للقلب عنها اصطبارا/ شربنا نقطة منها فهمنا/ فإن متنا فلا فى الموت عارا»
إنه أبو الحسن على بن عبد الله بن عبد الجبار الشاذلى المغربى، صوفى زاهد شهير فإليه تنتسب الطريقة الشاذلية، ولد 571هـ تفقه وتصوف فى تونس، وسكن مدينة «شاذلة» التونسية ونسب إليها، وعاش فى الإسكندرية وتوفى بوادى حميثرة بصحراء عيذاب متوجهًا إلى بيت الله الحرام فى أوائل ذى القعدة 656هـ.
«فإن متنا فلا عار علينا/ ولا فى شرعنا للقتل عارا/ فمنا من يموت على وضوء/ ومنا من يموت على طهارا/ ومنا من يكن على رأس جبل/ ومنا من يكن فى قاع غارا/ ومنا من يصوم ولا يبالى/ فطوره الملح وعشب القفارا»
يقول المتصوفون «إن طريقة أبو الحسن الشاذلى مفتاحها الحب فى مقابل طريق المجاهدة المعروفة قبله، وأنه كان ينطلق من الحديث الشريف وهو أن أعرابيا سأل النبى، صلى الله عليه وسلم: «متى الساعة ؟» فأجابه صلى الله عليه وسلم: «وما أعددت لها؟» قال: «ما أعددت لها كثير صوم وصلاة غير أنى أحب الله ورسوله» قال صلى الله عليه وسلم: «المرء مع من أحب».
و«منا من يصم يوما بيوم/ ومنا من ليس يدرى كيف صارا/ ومنا من اختصه الله بعز/ لا بكثرة صيام ولا سهارا/ ومنا من يكن شيخا مربى/ رأس كيس صاحب الوقارا / يصبغ كل من التجأ إليه/ ويصدقه ولو خلع العذارا»
وتلميذه الأشهر هو أبو العباس المرسى، حيث يقول عنه أبو الحسن: «يا أبا العباس ما صحبتك إلا لتكون أنت أنا، وأنا أنت».
«ومنا من يطير على الهواء/ ومنا من له الخطو أين سارا/ ومنا من له الشرق والغرب/ والآفاق بين يديه دارا/ فأحوال الرجال بحر عميق / كبحر ليس يدرك له قرارا/ فسلم للرجال عن كل حال/ ولا تعاتب ولا ترمى إشارا/ فرضى الله عنهم أجمعين/ رجال الله صغارا أو كبارا»