شكلت الدراما المصرية تحولات فارقة وكبيرة وهامة فى حياة المصريين على مدار تاريخها، ومنذ معرفة الناس بجهاز التليفزيون من عشرات السنين، كما شكلت الدراما الخاصة والمعروضة بشهر رمضان الكثير والكثير أيضًا منذ تسابق الجميع من فنانين ومبدعين ومنتجين لعرض إنتاجهم وأعمالهم فى هذا الشهر الكريم، رغبة فى المشاهدة والمكسب الإعلانى الذى يكون زاخرًا وفياضًا، ولن ننسى الأعمال العظيمة المحفورة فى ذاكراتنا جميعًا من مسلسلات "رافت الهجان"، "دموع فى عيون وقحة"، "المال والبنون"، "ليالى الحلمية"، "زيزنيا"، "رحله أبو العلا البشرى"، وغيرها من الأعمال العظيمة والخالدة فى ذاكرة الفن والإنسان المصرى.
ويأتى رمضان هذا العام كما سابقه بعرض الكثير من الأعمال الدرامية، وعلى رأسها مسلسل الفنان الكبير "عادل إمام"، الذى ينتظره الملايين كل عام، ومهما كان ما يتضمنه فيكفى اسم فنانَّا العظيم ليتصدر المقدمة دائمًا وبلا أى منازع.. وتأتى باقى الأعمال، ومنها الرومانسى والكوميدى والأكشن والبوليسى وغيرها، إلا أن المتفق عليه من جموع الناس الميل إلى الأعمال الهادئة البعيدة عن توتر الأعصاب والحنين إلى الرومانسية والجمال فى كل شىء، وهذا ما جعل الناس تجتمع على مشاهدة جراند أوتيل العام الماضى، و"لا تطفئ الشمس"، و"حلاوة الدنيا"، "لأعلى سعر" هذا العام، وهذا يدل على الحالة النفسية للمصريين الذين أصبحوا يتجاهلوا كل أشكال القبح أو المزايدة أو حتى الصوت العالى والضجيج فى كل شىء وأوله الفن والدراما، وأصبحت الحاجة ملحة إلى هدوء النفس والأعصاب.
ومما لا شك فيه أن الدراما تؤثر بكل قاطع فى سلوكياتنا وتصرفاتنا وطريقة حياتنا، ولابد من العمل على إبراز أجمل ما فينا وترسيخه فى أذهاننا ووجداننا والطريق الصحيح والوحيد هو الفن وهو القوة الناعمة والحقيقية الضاربة فى كل حياتنا، لذلك لابد من التركيز على أحداث الثورة الحقيقية لتغيير سلوك المصريين والعودة إلى الأصالة والروح الجميلة المبهجة المرحة والإيجابية من خلال أعمال لمبدعين يغوصوا فى أعماق الشخصية المصرية الجميلة وإظهار كل ذلك على الشاشة لتحريض الشعب للعودة لجذوره وهويته وخصوصيته التى فقدها خلال الفترات السابقة، كما علينا تشجيع كل المواهب وكل النوايا التى ترغب فى إعادة إحياء الفن المصرى الأصيل والجميل.
أعتقد أننا استكفينا من القبح فى كل شىء فى حياتنا وبأشد الحاجة إلى الجمال فى كل شىء فى حياتنا ولنبدأ بالفن والدراما والسينما ونفسح المجال بكل ما أوتينا من قوة لهذا، ولا يجب أن ننسى مبدعينا الراحلين أمثال "أسامة أنور عكاشة"، "محمد جلال عبد القوى" وغيرهما من الذين أضافوا الجمال والفكر السديد والأصالة.. وأطال الله فى عمر العبقرى العظيم "وحيد حامد" لكل ما أضافوا وما زال يضيفه فى حياتنا من أعماله العظيمة وشكرًا له كثيرًا.. وكل التحية للمبدع الإنسان والفنان مرهف الإحساس "تامر حبيب" على كل إبداعه الذى يمتعنا به فى كل أعماله وكل الشكر والتحية لكل فنان مصرى أصيل أضاف لمسيرة الفن المصرى.