"لا يا دكتورة استمرى - لا لسه فى حاجات كثير ما حللتيهاش...لا.. لا..).. هذه كانت اغلب ردود الأفعال التى تلقاها علم النفس من الجماهير بعد إعلانه انتهاء التحليل النفسى للشخصيات والأحداث العامة المؤثرة بانتهاء شهر رمضان.. وبينما يتم استقبال هذه الردود وإذا بطلب لتحليل شخصية نعيمة فى مسلسل الحساب يجمع.. وبالفعل تحمست لهذا الطلب بناء على نهاية أحداث المسلسل التى أثارت علم النفس لتوضيح ما يلى.
عزيزى القارئ.. نعيمة هى نوع من الأنفس التى تفوقت يسرا فى تجسيدها بشكل واقعى بلغة الجسد التى استخدمتها ولكن، ماذا عن ما وراء شعور هذه الشخصية التى تحيا بضغوط معيشية تحياها بالفعل شريحة لا يستهان بها من المجتمع؟
هل للضغوط المعيشية مهما كانت كثرتها أن تجعل الإنسان يسرق ويقتل و.. و.. مثلما شاهدنا فى أحداث المسلسل؟ وهل للنفس التى سلكت هذه المسالك ان يفيق ضميرها لتعترف بالخطأ كما حدث فى نهاية المسلسل؟ هل هذا الاعتراف يأتى بسهولة؟ ام من مواقف شديدة الصعوبة؟ هل نهاية المسلسل نهاية يقبلها علم النفس فى الواقع؟
جميعها تساؤلات تجبرنى على توضيح ما يلى:
عزيزى القارئ المشاهد.. أن الأصل فى النفس البشرية هى الفطرة، والفطرة بطبيعتها النقاء ولكن، تركيبة النفس من مشاعر وسلوكيات وأفكار تتشكل جميعها فى السنوات الأولى من حياته، وبمرور الزمن تختلط طبيعة الحياة المحيطة بالنفس مع تركيبة أول عشر سنوات من حياتها، لتوجه الإنسان لأحد طريقين:
إما أن يحافظ على فطرته النقية مهما كانت الضغوط، وهذا يحدث مع القليل جداً من الأنفس. أو تنجح هذه الضغوط فى التأثير على النفس للتصرف عكس الفطرة الخيرة بطبيعتها، وهذا يحدث مع بعض الأنفس أيضا لذلك نجد الإرهابي، والحرامى، والنصاب، والعنيف.. إلخ. وعند إخضاعهم للتحليل النفسى، نكتشف أنهم ضحايا لظروف كانوا أضعف من مواجهتها.. ولكن مع مجموعة من الأنفس يكون تأثير الضغوط وقتى وغير مستمر، حيث يوقظها الضمير مع أقرب ضغط على نقطة الضعف، ويجعلها تشتاق لفطرتها النقية. وهذا ما وجدناه فى شخصية نعيمة بمسلسل الحساب يجمع.. حيث تم الضغط على نقطة ضعفها وهى ( ابنتها ) فعادت لفطرتها الأساسية.
البعض تقبل النهاية، والبعض قال إنها النهاية الطبيعية للمسلسلات المصرية، حيث تعودوا إن يتم حل جميع المشاكل فى النهايات، وان هذا عكس الواقع.. ولكن، علم النفس يقول ان هذه نهاية واقعية لانها جاءت بالضغط على نقطة الضعف وليست من تلقاء ذاتها.. وسيكولوجياً فكل انسان مهما كانت قسوته ومهما تلوثت فطرته فان له نقطة ضعف. إن تم الضغط عليها فقدت النفس السيطرة على قوتها أو قسوتها وجبروتها .. وهذا بالفعل ما يتم استخدامه فى الجهات الدولية الواعية والمقدرة لقيمة علم النفس.. فقد نجد أحدهم يستطيع إخراج اعتراف أشرس المتهمين بجريمته، بالضغط على نقطة ضعفه. وقد نجد إحداهن تنجح فى الوصول لهدف ما بالضغط على نقطة ضعف من أمامها. وقد نجد مريضا يتفوق على عجزه بسبب تشجيعه بنقطة ضعفه.. إلخ.
ولذا فنقاط ضعف الآخرين هى سر من أسرار علم النفس، قد يستغله البعض فى الخير، كارجاع الحق الى مستحقيه. وقد يستخدمه الكثيرون فى الشر، كاستغلال المشاعر. كما أن نقطة الضعف لا ترتبط بالفقر أو الثراء، بالذكر أو الأنثى، بالجنسية أو العمر، ولكنها ترتبط بالنفس البشرية.. فما لنفس بشرية مهما كانت ان تخلو من نقطة ضعف. ولكن، ليس من السهل الوصول لنقطة الضعف الحقيقية للانسان.. ولذا نجد باستمرار الشخصيات السمعية التى تحركهم عقولهم قبل مشاعرهم وخاصة من شريحة التجار ورجال الاعمال والسياسيين، يقاومون كل نقاط الضعف ولا يفضلون ان تكن واضحة، حفاظاً على عدم استغلال الآخرين لها.. ونجد أيضاً أنه عندما يتم تدريب إنسان فى الجهات القتالية أو السرية فى أى دولة، فإن من أهم النقاط تدريبه على التغلب على نقطة ضعفه، حتى لا يستغلها العدو فى يوم ما.
عزيزتى النجمة يسرا: لقد استطعتى تجسيد واقع الشخصية باستخدام لغة جسد واقعية فى المسلسل، وساعد هذا التجسيد فى التوحد مع مشاعرها، للوصول إلى أنه عندما نتعمق فى الحياة فقد نجد الفقير يتصدق أكثر من الغنى، والمريض يشكر الله أكثر من السليم، وفاقد الشىء قد يتفوق على مالكه.. وقد نجد العكس فليس كل فقير طيب، وليس كل صاحب سلطة أو مال قاس.. ولكنها أنفس بشرية فقد تحيا كل المشاعر فى كل الظروف، وقد تساعدها هذه الظروف على المحافظة على فطرتها النقية وقد تلوثها، ولكن كل نفس قابلة للتغير من الخير للشر ومن الشر للخير ولا يوجد ضمان لان يحيا الانسان ثابت طوال الوقت، ولذا خلق الله التسامح لانه يعلم طبيعة النفس البشرية.