أصبح الوصول للحقيقة من أصعب الأمور التى تواجهنا مع زيادة الضغوط الحياتية التى أجبرت الأنفس على التلون فى التعاملات البشرية، كما أجبرتهم على الصراع وفقدان الإنسانية بالتدريج بشكل لا شعورى من أجل الوصول للأهداف.. وزادت معها صعوبة التوقع، فما أكثر خيبة أمل كثيرين فى كثيرين.. قالوا فلان متواضع، ومع الوقت اكتشفوا أنه متكبر. وقالوا فلانة قاسية القلب، وتفاجئوا بأن قلبها لين ورحيم.
وقالوا فلانا أحق بالقيادة وبعد توليه زمام الشركة اكتشفوا أنه لا يصلح تماماً لها. وقالوا فلانا صغير العمر إذن قليل الحكمة واكتشفوا أنه أكثرهم نضجاً ... وقالوا وقالوا ثم اكتشفوا عكس ما قالوا.. وتوقعوا ثم خابت توقعاتهم.....و...و...و...ولكن. القليل جداً من اكتشفوا كيفية فك شفرة من يقومون بالتعامل معه قبل الحكم عليه.. ولذا قلت نسبة أن يأتيهم الواقع بعكس توقعاتهم. وزادت نسبة جبر خواطرهم. لأن العشم، الثقة، التوقع،والأحكام أغلبها جاءت بعد فك الشفرات وبالتالى كانت فى موضعها الصحيح.
عزيزى القارئ، لا تستعجل فى الحكم على البشر.. وإن أردت أن تتعرف على حقيقة من أمامك فاترك له العنان، ولاحظه فى أوقات تصرفه الحر. فقد ينكشف لك ما ليس بالحسبان.. فلا تضع قيودا للسرقة لمن أمامك، ثم تصفه بالأمانة .. ولا تقيد عصفورا ثم تطلب منه الطيران، فإن كسرنا الخواطر، فكيف لخاطرنا الجبران ؟؟!
إذن فبداية فك شفرة أى إنسان هى إعطاؤه فرصة التصرف الحر دون رقيب أو قيود .. هنا فقط تنكشف حقيقة هذه النفس، التى ستختفى أمام الرقيب ولكن اختفاء مؤقت ينتهز الفرصة لغفلة الرقيب لكى يظهر ببراعة وإتقان.