كم فقيرًا ساعدته؟ وكم محتاجًا وقفت إلى جانبه؟ كم مريضًا يعجز عن شراء الدواء قدمت له يد العون؟
كم موجوعا من قلة الحاجة دعا الله أن يفك كربه فكنت أنت المعين؟
هى أسئلة مطروحة فى كل زمان على هؤلاء الذين أعطاهم الله الرزق الوفير، وتزداد إلحاحا فى الظروف الاقتصادية القاسية، التى يعيش غالبية المصريين فى ظلها منذ سنوات، وكما هو معروف فإن أى برامج متبعة للإصلاح الاقتصادى منذ مطلع تسعينيات القرن الماضى يدفع الفقراء فاتورتها بالكامل، وحاليًا تنضم الطبقة الوسطى إلى المتضررين من هذه البرامج لترتفع نسب الفقر عما كانت.
فى ظل هذه التحولات الصعبة لا تتجه الأنظار إلى ما تفعله الحكومة وفقط من أجل إعانة الفقراء، وإنما تمتد إلى ما يفعله لهم هؤلاء الخيرون الذين رزقهم الله بوسع، وتظهر هذه المسألة فى الريف أكثر من أى مكان آخر لما له من خصوصية تتمثل فى أن الناس يعرفون بعضهم البعض، ويمكن القول بأن الريف فى سنوات سابقة كان قادرًا بأهله على مواجهة مشاكل الفقر بأساليب التكافل الاجتماعى الأهلى، بمعنى أن الناس يعينون بعضهم البعض وقت الشدة، وفى نطاق الأهل يقوم الميسرون ماليا بتغطية المتعسرين.
هكذا كانت الحياة تمضى فى الريف بحلوها ومرها، والمؤكد أن كل قرية مصرية تحفظ فى تاريخها أسماء تفردت فى هذا النوع من العطاء لوجه الله، واللافت أنها كلما زادت فى عطائها زادها الله من رزقه، وبعد أن رحلت تركت سيرة عطرة تساوى كنوز الدنيا.
بالطبع هناك أحوال فى الريف تغيرت، وظروف تبدلت، أدت إلى تزايد حالات الفقر، وتدهور ظروف أهله من أبناء الطبقة الوسطى، الذين كانوا يتحملون بقدر طاقتهم نصيبًا فى مسألة التكافل الأهلى، ومع هذه التحولات القاسية فإن كل ميسور الحال لا ينسى واجبه نحو أهله يستحق أن ندعو له بالسلامة والستر والبركة فى كل وقت.
من هؤلاء صديقى وابن قريتى «كوم الآطرون – طوخ – قليوبية « الدكتور حاتم رزق يوسف، الطبيب صاحب الموقف والمثقف، الذى سافر إلى أمريكا قبل أكثر من 20 عامًا، وفى كل هذه السنوات لم ينس بلده وأهلها لحظة واحدة، وعاش معها بمبدأ : «اعط بيمناك دون أن تعرف يسراك»، وفعل ذلك بقناعة ملهمة وهى «يعطينى الله لكى أعطى»
فى السنوات الثلاث الأخيرة ظل حاتم مشغولا بقضية «محاربة الفقر فى قريتنا»، وكان سؤاله الدائم : «كيف لا يكون فيها جائع؟» وكيف نوفر لفقرائها مددهم من المواد الغذائية الأساسية؟ وكيف يكون التصدى لذلك هو ابتغاء مرضاة الله وفقط؟
وبمبادرة منه قرر أن يقدم الإجابة على الأرض بمشروع أطلق عليه اسم «مع الله»، وهو أشبه بفكرة البطاقة التموينية، حيث تم اختيار شريحة الأكثر احتياجًا فى القرية بمعايير محددة، وتحرير كارت لهم وبمقتضاه يتم توزيع كميات محددة شهريا من المواد الغذائية الأساسية كالسكر والزيت والسمن والمكرونة، وبالرغم من الارتفاع الجنونى للأسعار إلا أن المشروع مازال صامدا طوال عام مضى، بل إنه قدم معونات أخرى كالبطاطين فى الشتاء..
مضى عام على مشروع «مع الله»، ويحلم حاتم أن يمده إلى القرى المجاورة ليحصل على مكافأة إضافية لتلك، التى يحصل عليها من أهل بلده.
هل تعرفون ماهى هذه المكافأة؟.. الإجابة هى مزيد من الدعاء له بالستر والصحة والبركة، فادعوا له..