من الصعب توقع نهاية وشيكة للإرهاب، بالرغم من الهزائم التى يتلقاها داعش والتنظيمات الإرهابية المسلحة فى سوريا والعراق وليبيا، وهناك توقعات بإعادة توزيع الفلول المدربة ونقلها إلى مناطق ودول مختلفة. ومن بين هؤلاء الإرهابيين من هم غير مسجلين فى بلادهم وخارج قوائم الرصد المختلفة، خاصة أن هناك آلافا من المقاتلين دخلوا إلى مناطق القتال فى سوريا والعراق عن طريق تركيا أو الحدود وبصورة غير رسمية. خاصة فى فترات كانت الحدود فيها مفتوحة وخارج السيطرة.
وبالرغم من عمليات الرصد والمواجهة لعشرات السيارات التى تحاول تهريب السلاح من حدود ليبيا والسودان أو سيناء، هناك بالطبع عمليات تهريب تنجح ويتم نقل السلاح إلى الداخل، مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك ارتباطا بين مهربى السلاح والمخدرات من جهة وبين التنظيمات الإرهابية، خاصة أن عمليات التهريب تدر أرباحا خيالية، غالبا لا يهتم المهرب بالجهة التى ينقل السلاح لصالحها، وإنما التركيز يكون على الربح الذى يمكن أن يحققه.
فيما يتعلق بالدول التى تمول الإرهاب مثل قطر من الصعب أن تعترف بتورطها فى الإرهاب، ولهذا فإنها تبدى مقاومة وتحاول تجنيد وشراء منصات إعلامية غربية، ومنظمات حقوقية عرفت بأنها تعتمد على التمويل القطرى خلال السنوات الأخيرة، وكانت هذه المنظمات ضالعة فى الدفاع عن الإرهابيين، وقد تكشفت علاقات كثيرة لبعض المنظمات الحقوقية ومراكز الأبحاث، ومنصات الإعلام بالتنظيمات الإرهابية، بل إن بعض التقارير التى تحدثت عن الاختفاء القسرى كانت تصدر بتعمد للتعتيم على تدفق مئات المقاتلين المرتزقة إلى سوريا والعراق وليبيا، وهناك عشرات الحالات لإرهابيين كانوا مسجلين ضمن قوائم الاختفاء القسرى واتضح بعد مقتلهم أنهم كانوا ضمن التنظيمات الإرهابية.
ومن الصعب أن تعترف الدول التى ترعى هذه التنظيمات طوال ست سنوات بضلوعها فى دعم الإرهاب. ومن هذه الدول قطر أو تركيا، وكلاهما متورط فى رعاية هذه التنظيمات، وهى شراكة ليست بعيدة عن أجهزة ودول شاركت فى دعم ومساعدة هذه التنظيمات مع بدء الحرب على سوريا، وقد استغلت هذه الأطراف موجات الربيع العربى لتبدأ فى إقامة تنظيمات موالية، وكل منها كانت لها أهدافها، قطر كانت تهدف إلى تمرير خطوط الغاز من سوريا لأوروبا، وتركيا تريد انتزاع منطقة من سوريا وتدعم مواجهة الأكراد. فيما كان تدخل بريطانيا وفرنسا وأمريكا لاستعادة نفوذهم على المنطقة، ولكنهم كانوا يعملون تحت ستار دعم المعارضة السورية، وهى معارضة اختفت فيما صعدت تنظيمات مثل داعش وجبهة النصرة.
وأى تحول فى القوى على الأرض فى سوريا والعراق وليبيا، يساهم فى تحريك الإرهابيين من داعش والنصرة إلى مناطق أخرى. وإذا كانت الدول التى دعمت المشروع الأول لإعادة تقسيم وتوزيع القوة فشلت جزئيا، فإنها لن تتراجع بسهولة.
وعندما يتم وضع كل هذه العناصر عند النظر للعمليات الإرهابية فى مصر ومنها هجوم رفح الأخير، فالأمر لا يتعلق بهواة أو غاضبين، لكنه يرتبط بتفاصيل إقليمية ودولية معلنة، ومن حجم وشكل العمليات وإعداد الإرهابيين ونوعية التسليح بسيارات مصفحة وآر بى جى ومدفعية بعضها مضاد للطائرات نكتشف حجم وشكل التمويل والتدريب. لتنفيذ «حرب الفئران» التى تخرج من جحورها لتضرب وتعود لتختفى. هناك عشرات العمليات يتم صدها وإحباطها يوميا فى رفح والعريش. وهى عمليات تتم بسيارات مفخخة بمتفجرات ذات قوة تدميرية عالية. وفى مناطق يسهل فيها التمويه، ويحتمى الإرهابيون فى المدنيين.
ومن يستعرض هذه العناصر، يمكنه اكتشاف حجم البطولات التى تحققها القوات، والتى تستند إلى معلومات، لكنها لاتخلو من ثغرات، تنشأ من طبيعة الحرب فى مناطق سكنية. وفى حرب ليست تقليدية.