فى أوقات الأزمة يظهر معدن الرجال، وهذا ما عهدناه من قبائل وعواقل سيناء.. كانوا سندًا ودعمًا وعونًا للقضايا الوطنية، ووقفوا خلف قواتنا المسلحة بعد حرب 1967، وتصدوا للمؤامرة الإسرائيلية الكبرى لتدويل سيناء، وأصروا على الحفاظ على هويتها المصرية، وافشلوا المخططات التآمرية.
هكذا عهدناهم، وكان شيوخ قبائل سيناء وعواقلها رجال لا يتنازلون ولا يفرطون ولا يتآمرون على وطنهم، فى الشدائد والأزمات، وساعدوا جنودنا وضباطنا بعد نكسة 67 فى العودة إلى غرب القناة، وشكلوا ساترًا لحمايتهم من بطش القوات الإسرائيلية، التى كانت تبحث عنهم فى الصحراء.
وفى حرب أكتوبر المجيدة، كانوا فى ظهر جيشنا العظيم بعد ملحمة العبور، فرحين رافعين أعلام النصر، إيذانا بعودة سيناء إلى الأبد لأحضان الوطن، بعد أن قاسوا مرارة الاحتلال، وأكدوا أن أحضان الوطن لا يضاهيها شىء فى الدنيا، وأن الحياة تحت راية الاستقلال، هى البقاء والخلود.
هكذا عهدناهم.. أوفياء وشجعانا وبرز دورهم الكبير فى الحرب المقدسة التى تقودها مصر الآن ضد الإرهاب، لتطهير تراب الوطن من أسوأ غزاة فى التاريخ، جاءوا للأرض الطيبة من مستنقعات الدم والنار، رافعين رايات الإرهاب السوداء، طامعين فى أن يجعلوا أرض الفيروز، ساحة للقتل والاغتيال تدعمهم جماعة الإخوان الإرهابية، التى وفرت للإرهابين كل صفوف الدعم، فى عام حكمهم الأسود.
سيناء الآن تنادى شيوخها وعواقلها، وشبابها ورجالها ونساءها أن يستعيدوا الدور التاريخى فى الحرب ضد الغزاة، وأن يستكملوا مشوار الشرف والبطولة، وأن يستعيدوا نفس الدور، الذى لعبوه فى أوقات المحن والشدائد.
هكذا عهدناهم.. أهالى سيناء، الذين يدفعون ثمنًا فادحًا فى حرب البقاء والمصير، التى تدور رحاها فى سيناء، بعد أن تعطلت مصالحهم، وتضررت أحوالهم المعيشية، وسقط منهم شهداء كثير بجوار إخوتهم رجال الشرطة والجيش.
المعركة هى معركة أهالى سيناء بالدرجة الأولى، فالأرض أرضهم والوطن وطنهم، والإرهاب يستهدفهم قبل أى شىء، ويريد أن يزرع أرضهم بالقنابل والمتفجرات، بدلا من أعواد القمح وأغصان الزيتون، واشتدت المواجهة بين صناع الحياة ومحترفى الموت.
هكذا عهدناهم.. رجالا فى ظهر وطنهم، وأن كنا ندرك أن المؤامرة كبيرة والإغراءات مذهلة، ونجحت قوى الشر فى استقطاب عدد من شبابهم بعد أن ملأوا عقولهم بأفكار إرهابية، أخطر من الكلاشنكوف والسيارات المفخخة، فسيناء مستهدفة فى شبابها، وهدفا استراتيجيا تحاك ضده مؤامرة خارجية، سوف تكشف الأيام القادمة عن أسرارها المذهلة.
نعلم صعوبة المواجهة، وأن أبناء مصر الأبطال يخوضون حربا شجاعة، ضد عدو جبان، لا يعرف شيئًا عن شرف القتال، ويختبئ فى الحجور كالفئران، ولا يجيد شيئا إلا التسلل والهجوم ثم الفرار فى الشقوق والكهوف والحبال.. وسوف يكون النجاح عظيما إذا كشفت الجحور لإخراج من فيها، وأهالى سيناء أدرى بشعابها، إذا استكملوا هذه المهمة الوطنية، وكانوا عينا كاشفة، ترفع الغطاء عن فلول الإرهابيين الفارين فى الجبال أبطالنا العظام يواجهون عدوا خسيسا فى سيناء، وإرهابيين يتسلحون بالخفاء، يعيشون فى نفس المناطق ويسكنون فى نفس المنازل، ويجلسون على نفس المقاهى، ويتحدثون نفس اللهجة.. هم كذلك بالنهار.. وعندما يداهم أبطالنا أوكارًا إرهابية، قد تجد بين القتلى من كان يجلس معك، ويتحدث عن مخاطر الإرهاب.
أهالى سيناء هم الداعم الاستراتيجى لكشف بقايا الأنفاق، التى تتلوى كالثعابين تحت الأرض، وتحمل لأرضنا الطيبة القنابل والمتفجرات، لم يبق منها إلا القليل بعد تفجيرها وتدميرها أولا بأول، ولكن هناك أصابع مازالت تعبث فى الظلام، ولابد من بترها.
المعركة تخص الوطن كله من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، شرقا وغربا وفى كل قرية ومدينة، لتخليص مصر من وباء غريب عليها وعلى تسامح شعبها، وميثاق أهلها بالتعايش السلمى ونبذ العنف وكراهية القتل والدم، وإشاعة الوسطية والاعتدال والسلمية ومن العبث أن ينادى البعض بالحوار مع تلك الطغمة الإرهابية الباغية، فهل تتحاور الكلمات مع من يطلقون القذائف؟.. وهل تكون الموعظة الحسنة فى مواجهة السيارات المفخخة؟.. فالحوار مع من يؤمنون بالحوار وليس القنابل، وشريعة الإسلام هى العين بالعين والسن بالسن والبادى أظلم.
مصر كلها على قلب رجل واحد، وتقف وراء رئيسها وجيشها وشرطتها، وتقدم أبطالا أبرارًا من زهرات شبابها، نحتسبهم عند الله شهداء، فقد دفعوا حياتهم دفاعا عن وطنهم، ضد معتد غادر ليس له وطن ولا أرض، ويقدمون أرواحهم من أجل أن نعيش، ونأمن على مستقبل بلدنا وأولادنا وأحفادنا، مستقبل بلا خوف ولا عنف ولا إرهاب.
مصر كلها واثقة أن النصر قادم فى وقت قريب، وسوف ترتفع الإعلام والرايات احتفالا بتطهير كل شبر من سيناء من بقايا الإرهاب لنزرعها ونعمرها ونحفرها ترعا وأنهارًا، وليس بركا للدماء لتكون بوابة الخير التى هلت منها بشائر الإسلام دين السلام والمحبة والعدل.
الإرهاب إلى زوال، ولا تزعجنا عمليات طائشة هنا وهناك، فالفأر المذعور عندما يشتد حوله الحصار، يتخبط فى ذهول، والإرهابيون فى سيناء يعلمون جيدا أن نهايتهم أوشكت، وأن أسلحتهم الهزيلة لن تقوى على الصمود فى مواجهة جيش عظيم، يمتلك أقوى الأسلحة وقوة نيران هائلة، تستطيع أن تحيل فلولهم حطامًا ورمادًا.
هكذا عهدناهم.. أهالى سيناء وشيوخها وعواقلها وشبابها ونساءها.. كتائب مقاتلة فى جيش الوطن، النصر نصرهم والخير خيرهم، والإرهاب يستهدفهم، ولا يفرق بين مدنى وعسكرى، ولا بين من يرتدى الزى العسكرى والعقال السيناوى.
نقدم خالص العزاء لأهالى الشهداء الأبرار، لهم الجنة ولقاتليهم جهنم وبئس المصير.. وعاشت مصر.