هذه ليست المرة الأولى التى أبدى فيها رأيى فى السيدة إيرينا بوكوفا، مدير عام اليونسكو، فأنا دائما أتتبع ما تقوم به، وأدرس قرارات اليونسكو تحت قيادتها، وألحظ قدرتها على المساعدة قدر الإمكان خاصة فيما يتعلق بمحاولة إنقاذ المواقع الأثرية والأهم فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
سوف ترحل إيرينا بوكوفا نهاية هذا العام، بعد ثمانى سنوات قضتها فى منصبها الذى حصلت عليه بعد منافسة شرسة وقوية مع الفنان المصرى فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق.
خلال هذه السنوات أحسنت بوكوفا فى أشياء ولم توفق فى أشياء أخرى، لكنها فى المجمل انتمت حيث كنا نتمنى منها أن تنتمى، فقد وقفت بجانب كثير من المستضعفين فى الأرض، وسيظل ما فعلته مع فلسطين فى سنة 2011 يحفظه لها التاريخ، عندما عملت على انضمام فلسطين إلى اليونسكو متحدية بذلك كلا من أمريكا وإسرائيل.
وكلكم يعرف ما حدث والضغط الكبير الذى وقع على اليونسكو جراء هذا القرار لدرجة أن أمريكا منعت مساهمتها فى ميزانية المنظمة رغم أنها كانت المساهم الأول بنسبة %22، ومع ذلك لم تتوقف إيرينا بوكوفا فمنذ شهور قليلة تقدمت الأردن بمشروع قرار يؤكد أنه لا توجد علاقة تاريخية بين اليهود والقدس، وأن القدس محتلة من الجيش الإسرائيلى ووافقت عليه اليونسكو وهو ما أثار غضب القوى المهيمنة وأثار غضب إسرائيل التى اعترضت لكن منذ أيام قليلة وفى الاجتماع الأخير لليونسكو تم تأكيد هذا القرار، وبعدها بأيام قليلة وافقت لجنة التراث على ضم مدينة الخليل القديمة والقبة الإبراهيمية إلى قائمة التراث العالمى مما أشعل الغضب الإسرائيلى تماما حيث قررت تل أبيب قطع علاقتها مع اليونسكو.
وليس هذا فقط فـ«بوكوفا» لها أكثر من تصريح تذهب فيه إلى أن لا علاقة بين الإسلام الحقيقى وبين الإرهاب الذى انتشر فى الأرض وجعل ضحيته الإنسان والتراث معا.
ربما أكثر ما يعجبنى فى إيرينا بوكوفا، أننى على المستوى الشخصى لا أعرف رأيها الحقيقى فى هذه القضايا المثارة، لكنها تنطلق من كونها تدير منظمة لها اهتماماتها الخاصة، وأن سياستها تخضع للاستقلالية بشكل كبير وبقدر ما تستطيع.
وعلينا أن نعلم أن إيرينا بوكوفا لم تأت من فراغ فهى سياسية بلغارية، عضو برلمان لفترتين، كما شغلت منصب وزيرة الشؤون الخارجية، وسفيرة بلغاريا لدى فرنسا والمغرب، وهى أول امرأة تشغل منصب مدير عام اليونيسكو، وكان والدها، رئيس تحرير صحيفة الحزب الشيوعى، وبعد إنهائها الدراسة الثانوية التحقت بمعهد موسكو للعلاقات الدولية، كما أنها درست بجامعتى هارفارد وميريلاند بالولايات المتحدة الأمريكية، كل هذه الخبرات ظهرت فى إدارتها لليونسكو واستفادت منها.
وحاليا تدور معركة كبيرة حول من يخلف إيرينا بوكوفا، وهناك 9 شخصيات من بلدان ومناطق مختلفة يخوضون المنافسة، ومصر رشحت السفيرة مشيرة خطاب لهذا المنصب التى نتمنى أن يحالفها النجاح فى ذلك.