لا يمكن لأحد أن يعترض على عمل اللجنة المعنية بحصر وإزالة التعديات على أراضى الدولة، فهذا حق عام للمصريين لا يجب أن يستأثر به فرد أو مجموعة من الأفراد، كما لا ينبغى أن نترك التجاوز والتعدى على المال العام دون ردع أو عقاب.
هذا الاحتراز المبدئى ضرورى قبل أن نستعرض ما حدث من اعتداءات واشتباكات بين الشرطة ومجموعة من الأهالى على جزيرة الوراق، خاصة بعد وفاة مواطن وإصابة 31 من قيادات ورجال الشرطة و19 من ساكنى الجزيرة، وللوهلة الأولى نتساءل، لماذا لم تدرس الجهات التنفيذية طبيعة التعديات على الجزيرة وتفرق بين المخالفين الذين يبنون عشوائيا بغرض التربح من بيع الشقق لمواطنين أبرياء يجهلون طبيعة الفخ المنصوب لهم، وبين آلاف المواطنين أصحاب الوضع القانونى السليم فى الملكية والسكن؟
ولماذا لم تنشئ الجهات التنفيذية مع اللجنة المعنية بإزالة التعديات مكتبا متنقلا مثلا على الجزيرة لإجراء الحصر المطلوب وتقنين أوضاع الراغبين فى التقنين وفق جدول زمنى يراعى ظروف الأغلبية محدودة الدخل، قبل نزول بلدوزرات الهدم مباشرة على الجزيرة لأخذ العاطل بالباطل.
ولماذا تركت الجهات المعنية ومن بينها لجنة استرداد أراضى الدولة منطقة جزيرة الوراق نهبا للشائعات والدعاية السياسية المغرضة، حتى أصبحت الشائعة الرئيسية المنتشرة بين سكان الجزيرة أن الحكومة تريد إخلاء جميع السكان بالقوة لبيع الجزيرة خالية لرجال أعمال كبار، أو أن اللجنة لا تتفاهم مع أحد، هى تريد الهدم والإخلاء ولا شىء غير ذلك، الأمر الذى خلق حالة من الاحتقان عند الناس لدرجة مواجهة قوات الشرطة بالعنف.
وبمناسبة الكبار ورجال الأعمال، لماذا لم تبدأ لجنة استرداد أراضى الدولة بإزالة تعديات هؤلاء الكبار على جزر النيل وبعضهم صادر بحقه أحكام قضائية، وبعضهم يستولى على جزر ملحقة بجزيرة الوراق، قبل الشروع فى مواجهة المخالفين الغلابة على جزيرة الوراق.
لا أقول، اتركوا المخالفين فى جزيرة الوراق أو دعوا الجزيرة بأوضاعها المعيشية المزرية نهبا للعشوائيات وما ينتج عنها من كوارث صحية وبيئية، ولكن كلموا الناس وفهموهم واشرحوا لهم ماذا سيعود عليهم من جراء تقنين أوضاع المخالفين منهم، من إدخال مرافق الصرف الصحى ومياه الشرب وتوفير الجسور والمعديات لربط الجزيرة بمناطق محافظة الجيزة بدلا من كوارث المعديات، وفى الوقت نفسه حاسبوا البلطجية وتجار الأراضى المتلاعبين بالمواطنين وخاصة الكبار منهم.
تأكدوا أنكم لو شرحتم للناس المشاكل والخطط الحكومية المعدة لحلها، وكيف أن تطبيق القانون والحصول على حقوق الدولة هو الكفيل بتوفير خدماتها للمواطنين، صدقونى، لن تحتاج أى لجان حكومية لحماية من أفراد الشرطة، لأن المواطنين سيستقبلونها بالزغاريد والشربات بدلا من الطوب والشوم والخرطوش.