«11 سبتمبر» ترسم خريطة العلاقات بين الدول الكبرى وأمريكا

تأثرت العلاقات الدولية بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر تأثرًا كبيرًا، الأمر الذى شكّل لها اتجاهات جديدة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، وبالنسبة للدول الكبرى الأخرى، خاصة الصين، روسيا، الاتحاد الأوروبى، وكذلك العالم الإسلامى، الذى شكّل محور الصراع الجديد بعد أحداث 11 سبتمبر، هذا التأثر رصده الباحث محمد ضياء الدين محمد فى بحثه المهم «اتجاهات العلاقات الدولية بعد أحداث سبتمبر»، وحدد خريطة العلاقات بين أمريكا والدول الكبرى، ومنها: 1 - الصين: بدأت الصين توجهات جديدة فى العلاقات الدولية بعد أحداث سبتمبر، خاصة أنها قبل الأحداث كانت فى تسابق وتنافس مع الولايات المتحدة الأمريكية اقتصاديًا، وبعد أحداث 11 سبتمبر رسمت الصين اتجاهات علاقاتها الدولية عبر اتجاهات رئيسية، تمثل فى الآتى: الاتجاه الأول: اعتبرت الصين أن أحداث 11 سبتمبر 2001 عبارة عن تكريس نهائى لمسار واتجاهات العلاقات الدولية منذ انهيار الاتحاد السوفيتى، فمشهد الهيمنة الأمريكية الأحادية هو الذى أوصل العالم إلى 11 سبتمبر 2001، وأن اتجاه العلاقات الدولية بالنسبة للصين لابد أن يكون اتجاه سيطرة على العالم، ولكن هذه السيطرة أطلق عليها شين باى «السيطرة التلقائية»، وذلك فى كتابه «الصين ستقود العالم»، ويرى أن السيطرة التلقائية الصينية على العلاقات الدولية والعالم تتم عبر نقاط السيطرة التالية: أولًا: محاولة السيطرة على نفط المناطق الآسيوية، والتوسع فى النشاطات الاقتصادية، بالإضافة إلى العمل على إنشاء تكتلات سياسية تدور حول المحور الصينى. ثانيًا: التحرك العسكرى فى أنحاء العالم، خصوصًا إيجاد تحركات صينية فى الممرات المائية، والعمل على إيجاد واقع سيطرة صينية على بعض الممرات المهمة. ثالثًا: تقوية الوجود الصينى فى منطقة الشرق الأوسط عبر استراتيجية منظمة وطويلة المدى، وتقديم السلاح الصينى بأسعار مناسبة، بالإضافة لتقديم القوات الصينية لمنح التدريب فى الصين. رابعًا: ضرب طوق من الحصار الدبلوماسى العالمى على الولايات المتحدة، وإظهارها للمجتمع الدولى بأنها تؤزم العلاقات الدولية العالمية، وهذا الدور لابد له من وجود وسائل إعلام صينية قوية ومتطورة لتنفذ هذه النقطة المهمة. 2 - روسيا: تمثل ما تبقى من الإمبراطورية السوفيتية، فقد أعادت لها أحداث 11 سبتمبر الآمال بإمكانية استعادة المكانة الدولية لها، خاصة بعد المخاوف الأمريكية من النزوع التوسعى الإمبراطورى الروسى، وأعدت روسيا مسودة الاستراتيجية الروسية الجديدة عبر لجنة كونتها لوضع استراتيجية تسمى «استراتيجية السيطرة الروسية المستقبلية»، وحسب هذه المسودة فإن روسيا ستقود العالم خلال ثلاثين سنة على الأكثر، وبهذه المسودة توضيح لاتجاهات العلاقات الدولية بالنسبة لروسيا، وهى كالآتى: الاتجاه الأول: ويسمى باتجاه «المخالفة»، ويقوم هذا الاتجاه الروسى فى العلاقات الدولية على فرض الأسلوب الروسى فى الساحة الدولية، بالإضافة لمخالفة السياسات والتوجهات الأمريكية، واتضح ذلك جليًا من خلال الموقف الروسى للغزو الأمريكى للعراق، وبالرغم من ذلك التوجه نحو المخالفة، فإن الباحث السياسى الأمريكى ألكسندر آدلير يرى أن روسيا لا تستطيع تنفيذ هذا الاتجاه بسبب أن روسيا بحاجة إلى الولايات المتحدة لمساعدتها فى تجاوز أزمتها الاقتصادية، فى حين تحتاج الولايات المتحدة لروسيا لأهداف استراتيجية بعيدة المدى، كاحتواء العملاق الصينى الصاعد، ومحاربة الإرهاب فى المنطقة العربية، وتأمين انسياب النفط واستقرار أسعاره، ولذلك يرى «آدلير» أن روسيا لن تستطيع قيادة العالم، بل أنها ستلعب دورًا محوريًا مع الولايات المتحدة الأمريكية، لا يقل عن دور الشراكة الإنجليزية الروسية فى القرن الثامن عشر لاحتواء مخاطر القوة الفرنسية. الاتجاه الثانى: محاولة استعادة القوة للمؤسسة العسكرية، وذلك فى محاولة للاتجاه للقوة فى العلاقات الدولية، حيث أصبح ذلك واقعًًا مفروضًا فى العالم اليوم، وهذا الاتجاه يستخدم العمق الآسيوى بصورة أساسية، والعمق الأوروبى بصورة ثانوية، وذلك يضمن لروسيا إعادة هيبتها العسكرية والسياسية. الاتجاه الثالث: ويسمى باتجاه «أمن الطاقة الدولى»، وتحاول فيه روسيا السيطرة على خطوط نقل النفط والغاز من آسيا الوسطى وبحر قزوين، وإنشاء مشاريع طاقة مستقبلية على أراضيها، ويعتمد أمن الطاقة الدولى على السيطرة الاقتصادية والسياسية عبر المناطق التالية: أولًًا: آسيا، وذلك عبر تأمين طرق العبور، وإخضاعها للسيطرة الروسية، ونشر الدروع الصاروخية والغواصات والبارجات لتأمين هذه الطرق، بالإضافة للتعاون الأمنى مع الدول الآسيوية، وتشجيع قيام الاتحادات الاقتصادية فيها، ودعم المواقف السياسية للدول الآسيوية. ثانيًا: الشرق الأوسط، ويمثل محور الارتكاز فى خطة أمن الطاقة الدولى الروسية، وتقوم الخطة فى الشرق الأوسط على المواجهة المباشرة للسياسات الأمريكية، ومعارضتها فى المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة، واستخدام حق النقض «الفيتو» لمواجهة أى تحركات سياسية أو عسكرية أمريكية فى الشرق الأوسط، وإطلاق تسمية «الدول الحليفة لروسيا» على دول الشرق الأوسط التى تتعاون مع روسيا، ومدها بالأسلحة والتدريب والتأهيل لمواجهة التمدد الأمريكى فى الشرق الأوسط، وما قضية إيران والسلاح النووى إلا محور من محاور استخدام هذه الخطة المزدوجة، سياسيًا واقتصاديًا، لإضعاف الوجود الأمريكى فى المنطقة، حيث تعمل روسيا على دعم البرنامج النووى الإيرانى، باعتبار إيران الوازع الأكبر لروسيا فى المنطقة.. ونواصل غدًا الحديث عن الأوراق الخاصة للولايات المتحدة.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;