يتندر الكثير منا إن لم يكن الجميع على ناس زمان وأخلاقياتهم وسلوكياتهم وأفعالهم الحميدة المحترمة فى كل شىء فى معاملة الرجل للمرأة ومعاملة الكبير للصغير والعكس ورئيس العمل والمرؤوس والعامل وصاحب العمل وغيرها من كل أشكال التعامل والمعاملات الإنسانية، ونرى ذلك نحن وكل أجيالنا فى تعاملنا مع الأكبر سنا وفى مشاهدتنا لأفلامنا ومسلسلاتنا القديمة التى كانت تحتوى دائما وأبدا على الجمال فى الكلام والحوار والمفردات والأحاديث المحببة .
ولقد نشأنا جميعا ونحن صغار على سماع كلمات " عيب وغلط وميصحش " ولم نكن نسمع إلا نادرا كلمة حرام وحلال لأننا بالفعل شعب متدين بالفطرة وبالسليقة والإيمان والإسلام والسلام والتسامح وحب الغير أشياء وقيم متوارثة ونولد بها منذ آلاف السنين، وعلينا أن نعود إلى أصل الحضارة الفرعونية وبداية التوحيد منذ اخناتون قبل ظهور الأديان.
ولم يعرف المصريون قديما طريق المشايخ والفتاوى إلا نادرا وقليلا بالرغم من وجود الفقر والجهل ولم يستطع تجار الدين والإرهابيين عندما بدأوا شرورهم ومخططهم الإجرامى لهدم الوطن منذ 1928 ومحاولتهم لنشر التعصب والتطرف إلا بعد سنوات طويلة وبالرغم من الجهد والتمويل والدعم الذى تلقوه منذ بداية أعمالهم الشيطانية إلا أن المصريين تصدوا لهم وما زالوا صامدين أمام إرهابهم وإجرامهم .
ولقد توقفت عن كل ما سبق بسبب ما قرأته عن أكشاك الفتوى التى أقرها كفكرة الدكتور " محيى الدين عفيفى " أمين عام مجمع البحوث الإسلامية والدكتور "سعيد صلاح الدين " أمين عام مساعد المجمع وانتهت بتوقيع البروتوكول مع رئيس شركه مترو الانفاق " على فضالى " وجاءت الفكرة ردا على من يتهمون الأزهر بعدم تواجده، وبدأت الفكره بكشك فى محطة الشهداء فى المترو والتى يتردد عليها الآلاف من المصريين يوميا وجارى العمل على أكشاك أخرى فى محطات أخرى ويضم الكشك أو المكتب 2 من وعاظ المجمع مؤهلين لتلبية احتياجات الناس من الحصول على الإجابات التى تشغل عقولهم.
وأنا أتفهم النية الطيبة وراء هذه الفكرة حتى لا يترك الناس فريسة للمتطرفين والمتعصبين الذين أصبحوا مثل السرطان الذى انتشر فى الجسد كله ولا نستطيع استئصاله ولكن ليست هذه الطريقة التى تغرق الإنسان فى أمور جدلية تؤسس لفكر إحادى متجمد لا يتطور بالرغم من التطور المرعب الذى أصبح يحيط بنا ولا نستطيع ملاحقته ولا مواكبته.
نحن المصريون نريد من الأزهر نشر الحب والتسامح والإخاء والسلام وحب الفنون والثقافة التى تهذب الإنسان وتجعله صالح لنفسه ولمن حوله .. نريد من الأزهر أن ينشر العلم والأسلوب العلمى فى مناحى الحياة حتى يتقدم الإنسان نريد منه طرق وأساليب الفكر والتفكير المتطور القائم على الحوار والمناقشة وأعمال العقل، نريد منه تنقيح وهدم ونسف المناهج المتطرفة التى تحض على التطرف والتمييز والعنف والكراهية .. الله عز وجل لا يريد وسطاء بينه وبين عبده ويريد لعبده أن يتعلم وأن يكون عبدا صالحا بدون شيخ أو وسيط أو من يمنح غيره صك الرحمة والغفران .. وهذا التوجه لن ينجذب اليه الشباب الذين يمثلون نسبه الـ60% من مصر لأن هؤلاء لديهم حياة أخرى تتمثل فى الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى التى تأتى بالعالم كله بين يديه لمجرد ضغطه من زر تلفونه .. فكفى بالله عليكم أفكاركم التى أصبحت لا تشبع من جوع وانظروا إلى العالم من حولكم وخاطبوا الناس كما ينبغى أن يخاطبوا.. انشروا الجمال والفكر الإنسانى الذى يقضى على الشر والكراهية والحقد والضغينة والقائم على الفن والجمال والموسيقى والحوار وتقبل الآخر ولا تتعاملوا مع الإسلام وكأنكم أوصياء عليه لأنكم لن تسمحوا بوجود أكشاك للدين المسيحى فى محطات المترو ولا تتعاملوا مع جوهر الدين الاسلامى وكأنه طبق كشرى وصلحه.