تقوم روسيا الآن بدور دبلوماسى لبناء علاقات أفضل مع الدول الأفريقية، وتحسين سلوكها فى هذه القارة، ولكن الدور الروسى يعتمد بصورة أساسية على الدول المحورية فى أفريقيا، مثل نيجيريا وجنوب أفريقيا وكينيا، بالإضافة للسودان ودول حوض النيل، لبناء علاقات جيدة تساعد روسيا فى الرجوع إلى قيادة العالم بصورة جيدة دون وجود معوقات.
هذا ما خرج به محمد ضياء الدين محمد فى بحثه المهم «اتجاهات العلاقات الدولية بعد أحداث سبتمبر»، واستعرض كيفيه نشر الأيديولوجية الاشتراكية فى العالم من جديد، وذلك لمواجهة التحركات الأمريكية.
الاتجاه الرابع: وهو الذى تقوم فيه سياستها على نهج الغزو الأيديولوجى، وهو ما يعيد العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة إلى فترة الحرب الباردة، ويرى معظم المحللين أن هذه التحركات الأيديولوجية ستؤدى إلى تشكيل علاقة صراعية جديدة بين الطرفين.
الاتجاه الخامس: اتجاه تطوير العلاقات الروسية الصينية، وقيامها على استراتيجية تطورية، حيث برز اتجاه لتنمية العلاقات بين البلدين منذ العام 2001 تحديدًا، حينما وقعت اتفاقية بين البلدين لمد خط أنابيب النفط من مدينة «آن» الروسية يصب فى مدينة «دا» الصينية، وتم عام 2003 التوقيع بين المؤسسة الصينية للنفط وشركة «يوكس» الروسية على النقاط العامة للاتفاقية، ولكن بعد عام تراجعت روسيا عن الاتفاقية، وفضلت مد خط الأنابيب إلى مدينة «آن آنا» اليابانية أولًا، وهذا التغيير فى الموقف الروسى جاء نتيجة لتعارض المصالح الداخلية الروسية، خاصة بين الكتل السياسية الروسية، بالإضافة إلى أن العلاقات الروسية الصينية مثلها مثل العلاقات بين الدول الكبرى، هى علاقات يكمن فيها المنافسة والتعاون سويًا، وتوضع فيها المصالح الذاتية فوق كل اعتبار، إنها علاقة تقوم بعد 11 سبتمبر على تعاون متبادل وتنافس متبادل، ويمكن وصفها بأنها علاقات مصالح مميزة.
الاتجاه السادس: وهو اتجاه نظرية المحور الثلاثى «الصين- الهند- روسيا»، مع اتباع دبلوماسية جديدة تقوم على تعزيز دورها كوسيط مقبول من كل الأطراف فى حل النزاعات والأزمات الدولية والإقليمية، وهذا ما سعت إليه روسيا- كما يرى بعض المحللين الاستراتيجيين- فى ملفات مثل العراق، إيران، سوريا، لبنان، فلسطين، وغيرها من الأزمات خلال السنوات الأخيرة.
3 - الاتحاد الأوروبى:
يرى المحللون السياسيون أن الاتحاد الأوروبى الأقرب لمنافسة الولايات المتحدة الأمريكية على القيادة العالمية، وقد وضع الأوروبيون اتجاهات للعلاقات الدولية تساعد على السيطرة الأوروبية على العالم، وهذه الاتجاهات كالآتى:
الاتجاه الأول: اعتماد نمط تطور القوة والسيطرة على العلاقات الدولية عبر توزيع نمط القوة فى الاتحاد الأوروبى، وهذا حسب رؤية سابستيان روسيتو.
الاتجاه الثانى: وهذا الاتجاه يتخذ سياسة المحاور الجماعية، حيث استمرت أوروبا فى علاقاتها الجيدة مع الولايات المتحدة وروسيا، ويعتمد هذا الاتجاه على خلق محاور قوة جماعية، مثل محور «فرنسا- روسيا- ألمانيا»، وهذا المحور فيه تداخل للسياسات الأوروبية الروسية، حيث عملت الدبلوماسية الأوروبية والروسية على قيام محور جماعى فرنسى روسى ألمانى معارض للحرب على العراق، وتأكد الدور القوى لسياسة المحاور الجماعية فى توقيع الإعلان الثلاثى الروسى الألمانى الفرنسى ضد الحرب فى 10 فبراير 2003، وأعلنت روسيا أنها سوف تستخدم حق النقض «الفيتو» لمجابهة التدخل فى شؤون الدول الأخرى، وذلك للحفاظ على شكل العلاقات الدولية، وتفاعلت فرنسا وألمانيا مع روسيا، فعملت فرنسا كعضو دائم فى الأمم المتحدة فى مجلس الأمن على عرقلة حصول الولايات المتحدة على الشرعية الدولية فى حربها الدولية، فتم التعاون الفرنسى الروسى فانصاعت الولايات المتحدة للضغوط داخل مجلس الأمن، فتم تعديل مشروع القرار 1441، وجعله خاليًا من أى إشارة صريحة لتفويض أمريكا لخوض حرب صريحة، وهنالك العديد من التحركات داخل مجلس الأمن دلت على نجاح سياسة المحاور الجماعية فى التأثير على علاقات العالم، والتأثير على المنظمة الدولية.
الاتجاه الثالث: وهو اتجاه المحاور الفردية، وليس فيه تناقض مع المحور السابق، فسياسة المحاور الفردية تسعى لإقامة علاقات بين الاتحاد الأوروبى والدول الناقمة على الولايات المتحدة ونظامها العالمى الجديد، والتى لا تجمعها روابط اقتصادية قوية بها ولا مصالح كبيرة، وذلك عكس ما يحدث فى سياسة المحاور الجماعية، فالهدف من سياسة المحاور الفردية هو إقامة علاقات مع هذه الدول، ودعمها فى جميع المجالات، أملًا فى الوصول إلى تحالف معها يحد من هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية المنفردة على العالم، وتعتبر كل من البرازيل والهند وتركيا وإيران وسوريا وكوريا الشمالية وكوبا، وبعض الدول على حسب معطيات المرحلة المقبلة، مثالًا لهذه الدول، ويسعى الاتحاد الأوروبى بصورة أساسية فى الاتجاه الثانى والثالث إلى إقامة عالم متعدد الأقطاب.
وهو اتجاه علاقات الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة، حيث تأثرت هذه العلاقات بأحداث 11 سبتمبر، التى أدت إلى تقارب الرؤى بعد الأحداث مباشرة، وتصدع ظرفى بعد الأحداث بفترة، وهذا ما يراه البعض نهاية لمفهوم الغرب الاستراتيجى، حتى لو كان الغرب الحضارى قائمًا، فالمنظومة الغربية لم تعد موحدة، فالعلاقات بينها أصبحت تقوم على التصارع والتنافس تحت غطاء التعاون فى بعض المجالات أيضًا، فالنموذجان الأوروبى والأمريكى يختلفان جوهريًا فى توجهاتهما الاجتماعية والاستراتيجية، ونظريتهما للعلاقات الدولية.. وللحديث بقية.