مع بداية ثورة 25 يناير 2011، كان لا يسيطر على شاشات القنوات الفضائية أو الصحف والمواقع الإلكترونية، سوى وصلات الغزل العفيف والصريح، من اتحاد ملاك الثورة للشعب المصرى، ومن الإعلاميين والنخب لشباب الثورة، ووصفهم بأنهم الأنقياء الأطهار الأبرار، التى بعثت بهم السماء لإنقاذ البشرية من الذل والهوان والضياع والضلال!!
وبمرور الوقت ظهرت حقائق صادمة وعنيفة، للشعب المصرى، من الذين تصدروا المشهد، كشفته التسريبات الهاتفية، ومواقف وتصرفات هؤلاء حيال كل القضايا الوطنية، وخطابهم المتعال والغليظ والخشن والشتام والبذىء، بجانب جهلهم الشديد فى قراءة المشهد، وافتقاد فضيلة التقييم الصحيح، وتقدير الموقف، علاوة على الأمر الأهم والأخطر، ارتمائهم فى أحضان الجماعات الإرهابية، وإهانة المؤسسات الرسمية، وتحديدا المؤسسة العسكرية والشرطة والقضاء، وأن أى هدم لهذه المؤسسات، يعنى إفشال الدولة وسقوطها فى وحل الفوضى. ثم والأهم، أن اتحاد ملاك يناير، جعلوا من الثورة، بقرة مقدسة تحلب الماس والذهب والياقوت، والشهرة والنجومية، وتدفع إلى مُجالسة الحكام فى قصور السلطة، والسفر للخارج والالتقاء بالمؤسسات الرسمية والمشبوهة فى أوروبا وأمريكا، وشراء الفيلات والقصور، وأسطول السيارات.
وخلال الأيام القليلة الماضية، فوجئنا بمعركة كلامية فضحت ونبشت كل الأسرار المدفونة، تفوق ما كشفته التسريبات الهاتفية، والوثائق والمستندات، والمعركة ذات شقين، الأول بين النشطاء وبعضهم البعض، والثانية اتهام أسماء محفوظ للشعب المصرى بأنه وراء تخريب مصر، فى محاولة لغسل يدها من تلوثها بدماء الأبرياء، كونها وضعت اللبنة الأولى فى مخطط الخراب!!
ونبدأ بالشق الأول، فوجئنا بأحد أبرز النشطاء الأوائل للثورة، وائل عباس، الذى كتب بوست نصه: (الحمد لله رزقى مش على شلة وسط البلد بنت «......» ولا شغلى معاهم ولا بيجيبولى سبابيب ولا بتجوز وأصاحب منهم ولا حد منهم حتى بيعملى لايك ولا شير على بوست يتيم ولا مقال مهما كان حلو ولا حتى مجاملة! شلة شفت منهم الوساخة والتربيط و«......» لبعض! يبقى وسطيهم حد عامل جريمة وكلهم هس هس! تجيلك منحة ولا جايزة عن طريقهم يوقفوها ويزمبقوك! تجيلك من براهم يقولوا عليك عميل ومزبط بره! وعلشان كده كلهم على جزمتى..والله شوية «........»! لو حكيت والله ها تسمعوا عبر..!).
كما كتب بوست آخر على صفحته نصه: «كلكم فاشيست ولاد «......» والحمد لله أن الثورة ما نجحتش! آه والله الحمد لله! دواعش ومجرمين وممارسين للإرهاب الفكرى والمزايدة! والاسم نشطاء وحقوقيين! لا يقبلون وجود صوت واحد فقط مختلف! وغير مؤثر حتى! حافظين نفس الجمل بدون فهم «.......» عليكم وعلى عشقكم للمزايدة وإرهاب المختلف!
هذه عينة مما أثاره أحد أبرز الناشطين الأوائل، وسواء اختلفت معه اختلافا كليا وجذريا، أو لم تختلف، إنما وائل عباس وضع يده فى عش الدبابير، وبمجرد أن عرى مواقف نشطاء وسط البلد بنخبها، حتى فوجئنا بحملة ضروس ضده، وتتهمه بالكذب والكراهية لأصدقائه ورفاقه!!
الحقيقة أن ما طرحه وائل عباس، ليس جديدا، ولا مفاجئا، وإنما كتبناه من قبل فى عشرات المقالات منذ 25 يناير وحتى كتابة هذه السطور، وكانوا يتهموننا بالتطبيل وعبيدى البيادة وأننا نؤمن بنظرية المؤامرة، حتى جاءت شهادة وائل عباس، لتكتسب أهميتها كونها شهادة من أبرز نشطاء الثورة الأوائل، والعارف ببواطن الأمور وما كان يدور خلف الكواليس، والجالس وسط دائرة الثوار والنشطاء والأتباع والنخب، ويعلم كل كبيرة وصغيرة عنهم. لذلك عندما يدشن شهادته، فتأكد أنها شهادة للتاريخ تكشف الذين ينادون بالحرية، وهم أكثر ديكتاتورية من النازيين والفاشيين، والذين صدعونا بشعارات العدالة، وهم أكثر الناس ظلما للمقربين منهم قبل المختلفين عنهم فى الرأى والمواقف، وأن «الحرية والعدالة الاجتماعية» ما هى إلا شعارات تجلب المنافع من شهرة ومال وجوائز وسفر والجلوس فى قصور السلطة.
شهادة وائل عباس، يجب الوقوف أمامها طويلا بالتحليل والتدقيق، لتعرية مواقف المزايدين والمدعين زيفا أنهم يؤمنون بالحرية والديمقراطية والعدالة، والباحثين عن تحقيق مصالح شخصية على أطلال الوطن!!
الشق الثانى: شهادة وائل عباس، التى أشعلت نيران الغضب، والشك والتخوين بين النشطاء وأدعياء الثورية، قابلها شهادة غريبة لأسماء محفوظ، أحد أبرز المخربين الأوائل، والداعمين لجماعة الإخوان الإرهابية، والحركات الفوضوية، التى دونتها فى بوست طويل، أطول من خط سكك حديد مصر من السلوم حتى أسوان، عبارة عن اتهامات صارخة للشعب المصرى الذى لم يقدر نضالهم العظيم، وتضحيات الثوار والنشطاء فى الميدان وإزاحة مبارك، واعتبروهم خونة «ياعينى».
المخربة الرئيسية بدأت شهادتها بما يدفع لهيسترية ضحك مميتة عندما قالت نصا: «محدش دعا لثورة أصلا عشان كنا فاكرين إن ده كان صعب يحصل لكن كنا، بمختلف الحركات، بنحاول نشجع الناس إنها تنزل تطالب بحقها من خلال مظاهرات سلمية أو إضرابات أو وقفات صامتة زى اللى حصل كده وبعد مجهود سنين لحركات ونشطاء، وكمان فساد بيكبر وينتشر ونظام مش عامل حساب لحد.. جت ثورة تونس تقول للناس إن ده مش مستحيل وإن الناس تقدر تثور على الظلم وتغيير النظام وتجيب نظام تانى.. الناس ساعتها نزلت.. كنا يا دوب عوامل مساعدة بنحاول نعمل اللى ربنا يقدرنا عليه.. فين بقى الضحك اللى ضحكناه على الناس؟ إن مكنش عندنا رئيس بديل عشان نشيل ده ونحط ده؟ أصلا مكنش ده الطرح اللى طرحناه للناس.. الناس هى اللى اختارت كل خطوة بأيديها واختارت تصدق مين واختارت تسمع ومتدورش على الحقيقة.. انتوا اختارتوا كل خطوة محدش ضحك عليكم».
وما بين الشهادتين تتضح الرؤية، وتتكشف حقيقة أن أسماء محفوظ وكل المخربين الأوائل يحاولون غسل أيديهم من دماء الأبرياء، وخطة التخريب الممنهجة، لكن وائل عباس كان شجاعا وصادقا مع نفسه واتهم وكشف حقيقة النشطاء، وعراهم أمام أنفسهم قبل تعريتهم أمام الناس، بينما أسماء محفوظ، حاولت اتهام الشعب بأنهم وراء تأييد ثورة الخراب وقالت لهم نصا: «انتوا اختارتوا كل خطوة محدش ضحك عليكم».
ولك الله يا مصر..!!