لا أعرف اللاعب هيثم فهمى، ولم أشاهده فى أى مباراة للمصارعة، وهذا تقصير كبير منى بالطبع، فالرجل لعب باسم مصر وحصل على 6 ذهبيات أفريقية، وميداليات متعددة فى بطولات الجوائز الكبرى وأول دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط وذهبية بطولة العالم العسكرية فى أمريكا وفضية دورة ألعاب العالم العسكرية، لكن الأخبار المنشورة حول أزمته مع اتحاد المصارعة المصرى دفعتنى للاهتمام.
يقول الخبر المنشور مؤخرا «طلب هيثم فهمى، لاعب منتخب المصارعة، والذى أعلن تراجعه عن فكرة التجنيس، العودة إلى الانضمام للمنتخب مرة أخرى، والمشاركة فى البطولات ورفع العلم المصرى فى المحافل الدولية، من جانبهم رفض مسؤولو الاتحاد عودة هيثم فهمى مرة أخرى إلى صفوف المنتخب، بحجة أن بطولة العالم المقبلة المقرر إقامتها بفرنسا ليس من بينها ميزان اللاعب، يذكر أن هيثم فهمى كان قد رحل إلى أمريكا للبدء فى إجراءات التجنيس، ولكنه عاد مرة أخرى إلى بلده، طالبا العودة مرة أخرى إلى المنتخب».
هذا الخبر يكشف الأزمة جيدا، فهناك اختلافات بين اللاعب واتحاد المصارعة، لكننى غير مؤهل للكتابة عن المشكلات الرياضية داخل الاتحادات، فأنا لا أعرف كواليسها، ولن أكتب دفاعا عن اللاعب هيثم فهمى، لكننى سأتحدث قليلا عن «الروح الرياضية».
هيثم فهمى «عائد» والذى أقصده بـ«العودة» هنا أى الشروع فى فكرة ما أو تصرف معين ليس فى صالح الجميع، وبسبب ظروف شخصية أو ظروف عامة تم التراجع عن هذه الفكرة ولم يحصل ضرر من وراء التفكير فى الأمر أو الشروع فيه، والسؤال: كيف نتعامل مع هذا الأمر؟
ليس أمامنا سوى حلين لا ثالث لهما، الحل الأول هو أن ننصب المشانق للعائد ونحاسبه على أخطائه، التى قد تكون صحيحة، ونعلن انتصارنا وتفوقنا عليه ونرفض أن نقبله أو نفسح له مكانا بجانبنا، والحل الثانى أن نسامحه ونتعامل معه بشكل أرحب ونقول له بأننا فريق ولسنا أشخاصا وأننا لن نتخلى عنه مادام قلبه عامرا بالرغبة فى العمل لصالح للجميع.
الحل الأول القائم على الطرد والإبعاد، يخشى أصحابه من الاتهام بالتساهل وعدم الحزم وأخذ الأمور بالشدة والقسوة حتى تستقيم، لكننا فى الحقيقة لن نجنى من ورائه سوى الكثير من المشكلات، وسيجعل القلوب محملة بالحقد وممتلئة بالكراهية والرغبة فى التدمير وكراهية النفس والآخر، كما أنه يصيب الإنسان بالإحباط، ويجعل انتماءه للمكان على الحافة.
أما الحل الثانى الذى يفتح باب التسامح مع المخطئ فإنه حتما سيترك جانبا إيجابيا على نفسية الجميع، وسيدفع الكل للعمل كفريق واحد، كما أنه سيجعل الروح الرياضية هى المسيطرة، وبالتالى سوف يحقق الفريق معا الكثير من الإنجازات.
إذن الذى نريده هو الروح الرياضية الحقيقية، التى تسعى إلى جعل الجميع قلبا واحدا يعمل لصالح المصلحة العامة الرئيسية، وهيثم فهمى ليس أول من حاولوا التجنيس، لكن لو تمت مسامحته فسوف يكون فاتحة خير على الجميع، خاصة أنه لم يرتد قميص دولة أخرى بعد، فلا تدفعوه لذلك.