حَفَّز صدور قرار جمهورى بإنشاء المجلس القومى لمواجهة الإرهاب والتطرف، حالة «العصف الذهني» المجتمعية المتصلة، حول طرح ومناقشة كل ما يمكن بذله فى سبيل مكافحة الإرهاب .
وقد تصدَّرَ أهدافَ المجلس، إقرارُ استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الإرهاب ، وظنِّى أن فكرة «التحصين » المسبَق أو الوقاية يجب أن تكون هى العصب المركزى الذى يحرِّك مكونات هذه الإستراتيجية ويشكِّل خططها ، وفى كل الأحوال أتمنى أن يكون المجلس طاقةَ دفعٍ ومصدرَ إلهامٍ لأفكار مبدعة ومميزة لمواجهة هذا الخطر المدمر .
ومقالى الماثل بين أيديكم هو محاولة فى هذا السياق، ربما تفتح آفاقًا أمام نوعية مغايرة من الأفكار التى تحلِّق بعيدًا على استحياء فى فضاء خيالنا الفقير، وربما يحفز المقال أو الفكرة بعض علمائنا ليشقوا طريق البحث العلمي، أملًا فى الوصول إلى «تطعيم طبي» يحمى ويقى من الإرهاب .
أُدرِك أن وقع الفكرة ربما يبدو غريبًا أو مدهشًا فى عالمنا العربي، فى الوقت الذى يحلِّق فيه علماء الغرب ويطاردون أحلامهم للوصول إلى أهداف مشابهة، أكَّدَها تردد أنباء عن أبحاث سرية تجرى فى مختبرات أوربية وأمريكية على عدد من الإرهابيين الذين تم القبض عليهم فى السنوات الأخيرة .
العالم من حولنا يلهَث وراء العلم والمعرفة لتحقيق نتائج حاسمة وقاطعة للسيطرة على الإرهاب والقضاء على التطرف الدينى خلال أقصر فترة ممكنة ، يشجعهم نجاحات واكتشافات علمية مؤثرة ذات صلة ، منها تحديد بضع « طفرات جينية » يمكن أن تُنبِئَ عن السلوك العنيف . حيث توصل باحثون بمعهد كارولينسكا فى السويد مؤخرًا إلى طفرتين جينيتين يبدو أنهما على علاقة طردية مع السلوك الإجرامى العنيف، وذلك وفق ما نُشِر فى العديد من الدوريات العلمية .
بينما قال طبيب الأعصاب المعروف الدكتور جراف مان فى دراسة حديثة نُشِرت بمجلة « نيوروسيكولوجيا » إن « ( المرونة الدينية ) تعتمد على صحة منطقة الدماغ التى تحكم الانفتاح » ، فيما أكَّدَت أبحاث أخرى على أن إصابات الدماغ المؤلمة قد تؤدى إلى نماذج بشرية أكثر تطرفًا فى معتقداتهم الدينية، بينما أكد علماء من جامعة نورث وسترن فى إلينوى أنهم اكتشفوا وجود صلة بين الصدمة وعدم رغبة الشخص فى قبول أفكار جديدة، وهى صلة يقول الباحثون إنها تجعل بعض الناس أكثر حماسًا بشأن إيمانهم. وفى الوقت ذاته، يعكف علماء الأعصاب على محاولة استخدام التصوير بالرنين المغناطيسى لقياس النشاط داخل المخ لتكوين فهم أفضل لأنماط السلوك البشري، وربما توقّع مَن الذى قد يُقدِم يومًا على ارتكاب عمل إرهابي.
يفتقر العلماء حتى هذه اللحظة إلى تفهُّم عميق لآليات الاعتقاد والتطرف داخل المخ لكن جهودهم مستمرة ( فى العلن) ، وربما يتمكنون خلال أيام أو شهور( علم عددها عند الله ) ، من أن يصلوا على وجه التحديد إلى جين أو نشاط معين بالمخ مرتبط بالنزعات الإرهابية ، وإن كنتُ لا أشكّ فى أن العديد من وكالات الاستخبارات حول العالم تسيطر على فيض كبير من هذه المعلومات العلمية النادرة، وأنهم قد اختبروها جيدًا، وهم مستمرون فى العمل ( سِرًّا ) لكشف التركيب الجينى والحيوى للمتطرفين ، ثم ستكون قفزتهم الكبرى بإنتاج لقاح بشرى أو حيوانى يحتوى على أجسام مضادَّة لـ« فيروس الإرهاب » ، أرجو ألا نفاجَأ فى عالمنا العربى بهذا « المصل» فى الأسواق .. قريبًا .