النجاح فى عبور عقدة التعليم يمثل أهم خطوات الانتقال إلى المستقب، وبالفعل فإن الكثير مما يعلنه وزير التعليم الدكتور طارق شوقى عن تطوير المناهج، وإلغاء الحفظ وعقدة الامتحانات، كلها مطالب متواصلة من عقود. وزير التعليم يعترف بـ«أن هناك دولًا أقل من بلادنا كثيرا وأفضل منا فى التعليم».
هذا الاعتراف مهم، لأنه ينطلق من التشخيص وتأكيد المشكلة، وعدم تجاهلها أو الادعاء بأن أحوالنا على ما يرام، نفس الأمر فى الاعتراف باستحالة تطوير نظام التعليم الحالى، وأهمية تطبيق نظام تعليمى جديد يبدأ 2018 حتى 2030. قد تبدو هذه السنوات بعيدة، لكنها بالنسبة للتعليم بالكاد تقدم جيلا مختلفا متعلما بشكل حديث، وبعيدا عن النظام القديم الذى لم يعد قابلا للتطوير.
الوزير يتحدث عن «التقييم التراكمى» فى مرحلتى التعليم الثانوى والفنى فى «الثلاث سنوات مجتمعة»، وبالتالى فلا يبقى الامتحان غاية، وإنما وسيلة للفهم والمعرفة، بعد أن ظل الطالب خلال عقود مجالا لكل أنواع التجارب والمغامرات فى التعليم، تراكمت وظلت تنمو وتتوغل ليتحول التعليم إلى أزمة تبدو بلا أفق للحل.
اليوم وزير التعليم يعلن عن مشروع جديد، يبدو أنه يلبى الكثير من المطالب ويسد الثغرات، يتحدث عن جودة التعليم والمنافسة، وإنهاء ديكتاتورية الامتحانات والسنة الواحدة والفرصة الواحدة.
طارق شوقى يقترب من الدروس الخصوصية، التى تحولت إلى واقع يفرض نفسه، ويستعصى على الإصلاح، الوزير يتحدث عن قانون ينظم الدروس الخصوصية، وهو أمر يمثل أول اعتراف بأن المواجهة تتم بالقانون وليس فقط بالشكوى أو الإنكار.
وزير التعليم يتحدث عن تنظيم تراخيص المدارس الدولية، ويعترف بأن هناك مدارس تمارس البلطجة، وتمنح شهادات مضروبة، ويعلن إلغاء الشهادة الابتدائية، واعتبار السنة السادسة سنة دراسية عادية، ويتحدث عن تخفيف مناهج الرياضيات، وأن يتضمن التعليم أبحاثا وقراءات خارج المنهج، وجزءا من اختبارات التعليم ستتم إلكترونيا.
كل هذه عناصر يمكن أن تمثل بالفعل خطوات للخروج من حالة تبدو أحيانا غير قابلة للتعديل، وتبدو مبشرة لأنها تلبى مطالب قديمة ومتراكمة، الأمر بحاجة إلى مزيد من الإعلان عنها وتقديمها للمجتمع، والتأكيد على أنها تنهى عصرا وصل فيه التعليم لوضع يصعب ترميمه.
الأمر يتطلب إقناع المجتمع والناس وأيضا التبشير بأن حال المعلم سوف يتطور ماديا وتعليميا وتدريبيا، ليتناسب مع مهمة تمثل الخطوة الأولى للخروج من واقع لم يعد مناسبا للعصر، وتأخرنا كثيرا فى التعامل معه.
المهمة ليست سهلة، لأننا نواجه تراكمات عقود، ونظن أن المجتمع بحاجة للتعرف على المشروع، والاطمئنان إلى أنه يضمن العدالة، وتكافؤ الفرص، وأنه لا يرتبط بشخص الوزير، ويتطلب توفير المزيد من التمويل، ويستحق التضحية، ويمثل النقطة الأهم فى العبور للمستقبل.