منذ بدأ الحديث عن مشروع تطوير التعليم باعتباره الأهم لمصر، وهناك الكثير من التفاؤل، وأيضًا بعض رواسب التخوف من أن يكون الأمر استمرارًا لسوابق من التجارب التى لم تكتمل، أو أن يكون الأمر مرتبطًا بشخص الوزير.. هناك تشكيك متعمد، و آخر ينطلق من تجارب الماضى.
وزير التعليم كرر مرات أن مشروع تطوير التعليم القائم، والمشروع الجديد الذى يبدأ العام المقبل، هما نتاج جهد لعدد من كبار الخبراء، الذين اجتمعوا لشهور، وتوصلوا إلى المشروع الجديد للتعليم، وهناك أسماء لعدد من العلماء والخبراء شاركوا فى إعداد هذا التصور، والذى عرضه منذ شهور الدكتور أحمد عكاشة فى مؤتمر للشباب، وأكد أن التعليم يفترض أن يكون مشروع دولة وليس وزارة، بما يجعل هناك استمرارية وتراكمًا وتقدمًا للأمام.
اللافت للنظر أن هناك اتفاقًا على أن نظام التعليم الحالى غير صالح للاستعمال، وأنه يضيع الوقت والجهد والمال، ويحمل الكثير من الازدواجية، وأن المناهج التعليمية عتيقة وغير مناسبة، تقوم على الحشو، وأن نظام التقييم والامتحانات لمرة واحدة يراعى القدرات والتعلم المستمر، ويسمح بنمو الدروس الخصوصية. وهذا الاتفاق جرى على ألسنة خبراء ونقاد طوال عقود، ولم تتوفر الإرادة لتعديل نظام التعليم، وتحديد نقطة البدء فى المشروع.
لهذا تأتى أهمية المؤتمرات وعمليات الشرح للمشروع الجديد للتعليم من قبل وزير التعليم، الذى أعلن ملامحه، وأنها نتاج بحث وتفكير ودراسة للكثير من الأوراق والانتقادات السابقة.. الوزير يتحدث عن نظام جديد للثانوية العامة يقوم على التقييم 3 سنوات بدلًا من سنة، وهنا يخرج التخوف من أن يؤدى ذلك لدروس خصوصية ثلاث سنوات بدلًا من سنة.. الوزير يتحدث عن تغيير نظام الامتحانات، وإلغاء الحفظ، و«التقييم التراكمى» بشرط ألا يبقى الامتحان غاية، وإنما وسيلة.
مشروع التعليم الجديد- شكلًا- يبدو أنه يلبى الكثير من المطالب ويسد الثغرات، مع قانون ينظم الدروس الخصوصية، وتخفيف مناهج الرياضيات، وأن يتضمن التعليم أبحاثًا وقراءات خارج المنهج، واختبارات إلكترونية.
وكلما كان هناك شرح وشفافية وحوار، كان المجتمع أكثر قدرة على التفاعل، ثم إن تراث الماضى من المحسوبية أو التلاعب يجعل هناك حاجة لطمأنة مزدوجة تؤكد تكافؤ الفرص، وإقناع المجتمع بأن حال المعلم سوف يتطور ماديًا مقابل المزيد من التدريب والتأهل والدراسة، مثلما يجرى مع الأطباء فى التعليم الطبى المستمر، وأن يصل الأمر ليصبح المعلم من الفئات الأعلى دخلًا، مع إنهاء أو تقنين الدروس الخصوصية، بحيث يكون كل شىء معلنًا وواضحًا، لأن المعلم إحدى أهم نقاط نجاح وفشل أى تطوير للتعليم.