فينا من يجلس على المقهى ويمسك بكل ثقة فى يده "لاى" النرجيلة – الشيشة- ويسحب نفسا عميقا، ثم يخرج دخانا كثيفا، ويقول بضمير مستريح، بعدما يمصمص شفاه :" يا عم الحكومة هى السبب فى كل الأزمات التى نمر بها"، ليوافقه فى الرأى من يقابله فى الجلسة بقوله :" كلامك صح ..الحكومة هى السبب"، وذلك وسط ترحيب من كل الحضور والمشاركين فى الجلسة الاعتيادية.
أمر طبيعى أن نسقط كل العيوب والمشكلات على السلطة، أيا كانت هذه السلطة، لكن من العدل أن نتحدث عن دورنا، عن عيوبنا، عن تقصيرنا فى حق بلادنا، عن عاداتنا السيئة ، عن سماتنا المشبوهة، عن تصرفاتنا المعوجة .
من العدل والحكمة أن ننتقد تصرفاتنا الرجعية ، نواجه أفعالنا البذيئة ، نتمرد على واقعنا ، نحل مشكلاتنا ، نفحص عيوبنا ، بدلا من أن نستسهل الأمر ونبسطه على أنفسنا ، وننتقد ونسب الحكومة ومن فى السلطة.. والحقيقة الواضحة ، النهوض بالبلاد مسئولية الشعب والحكومة معًا، فالحكمة تقول "إيد لوحدها متصقفش ".
دعنى أسالك: هل الحكومة سببا فى أن تكون سلالم المنازل والعمارات غير نظيفة ومليئة بالقمامة، ورائحتها تزكم الأنوف فى الصعود والهبوط ؟ هل الحكومة سببا فى أن تكون بيوتنا من الداخل غير مرتبة وليست أنيقة؟ هل الحكومة هى التى تجعلك تسهر فى الليل لتغيب عن عملك فى النهار أو تذهب متأخرا ؟ هل الحكومة تدعم الفهلوة على بطاقات التموين لنعامل بعضنا البعض بالنظرية المعروفة عنا كمصريين "الفهلوة" فى كل المعاملات اليومية ؟
الإجابة عن الأسئلة سابقة الذكر، بكل شفافية ووضوح "لا"، ولكننا نحن السبب فى مثل هذه الأزمات التى نحسد الغرب سرا وجهرا وليلا ونهارا لأنها ليست موجودة لديهم .
لكى تنهض بلادنا وتكون فى مصاف الدول المتقدمة وتخرج من أزماتها وتنتهى مشكلاتها، علينا بالادخار بدلا من الإسراف ، الجودة بدلا من الفهلوة ، الإنتاج بدلا من الكسل، العمل بدلا من الكلام، الفعل بدلا من الأغانى والشعارات، الكفاءة بدلا من أهل الثقة، المواعيد الصارمة بدلا من قاعدة "5 دقائق"، الدقة بدلا من الاستسهال، إتقان العمل بدلا من الاستخفاف ، الإبداع بدلا من الإهمال، النجاح بدلا من الرسوب ، الإحكام بدلا من التهاون ، أن نكون جزءا من الحل ولا نساعد على تراكم المشكلات .
علينا كمصريين أن نبدأ سريعًا فى تغيير سيرتنا وسمعتنا وسط الشعوب، وعلى الحكومة أن تأخذ بأيدينا وتواجهنا نحو التقدم والرقى.