انتهى الموسم السابع من المسلسل الشهير صراع العروش game of thrones، وبدأ الجمهور الغفير الذى كان متابعا للحلقات فى انتظار الموسم الثامن، ورغم رأى البعض بأن الموسم الأخير ليس فى قوة المواسم السابقة، ومع ذلك فقد بلغ عدد متابعى المسلسل 12.1 مليون مشاهد للبث الحى، و16.5 مليون مشاهد فى الأوقات الأخرى.. فمن أين يأتى هذا النجاح؟
هذا العمل الكبير لم يكن أبدا ابنًا للصدفة، حتى لو تظاهر صناعه بذلك، فالأعمال الناجحة ربما تكون بداياتها من باب الصدفة لكن الاستمرار فيها وتحقيق النجاح المتواصل يحتاج إلى إعداد جيد طوال الوقت، وقد احتوى المسلسل، من وجهة نظرى، مقومات كثيرة للنجاح كان العاملون على المسلسل يعرفونها جيدا ويعرفون تأثيرها على الجمهور.
أول هذه الأشياء هى أن العمل مأخوذ عن رواية «أغنية الجليد والنار» التى ألفها ولا يزال يؤلف فيها الكاتب جورج ر مارتن وهذه الرواية تعتمد على تاريخ حقيقى لحرب شهيرة يسميها التاريخ حرب الثلاثين عاما، ويسميها الأدب حرب الوردتين، التى تقوم على صراع بين عائلتين شهيرتين لحكم المملكة المتحدة، والبحث فى التاريخ ومحاولة التعرف على تفاصيه لا يزال يجتذب الكثير من الناس، الذين يحبون أن يشاهدوا ما فعله الأجداد حتى لو كان محرفا بعض الشىء.
الأمر الثانى هو التاريخ الشعبى القائم على خلط الأسطورة بالتاريخ، مما يضفى عل العمل نوعا من الأسطورية، والمعروف أن هذه الخلطة أثبتت نجاحها كثيرا فى السنوات الأخيرة، فالجميع يتذكر الفيلم الشهير «سيد الخواتم» بأجزائه الثلاثة التى حققت نجاحا غير طبيعى، وعليه فإن وجود التنانين فى «صراع العروش» وكذلك فكرة «جيش الموتى» كانت فكرة قوية فى صالح المسلسل تماما.
من الأشياء الأخرى المهمة التى كان لها دور فى نجاح المسلسل اختيار أماكن جميلة للتصوير، ساحات شاسعة تؤكد أن حروبا وقعت هنا، وجبالا شاهقة توحى بصعوبة تسلقها، وجليدا يؤكد أن العالم مخلوق من الثلج والنار فعلا، كذلك كان هناك توفيق كبير فى اختيار الممثلين، حيث حقق بعضهم نجومية بسبب المسلسل، وتركوا أثرا لدى الجمهور.
ومن أهم الأشياء التى ساعدت على نجاح المسلسل قصص الحب والخيانة المبثوثة طوال العمل، والمعروف أيضا أن الجوانب الإنسانية يكون لها صداها القوى داخل المتلقى، ويظل الحب هو سيد هذه العواطف التى يبحث عنها ويمجدها ويشجعها بقوة.
كل هذه المقومات وأكثر منها نمتلكها نحن، فى مصر، ونستطيع أن نقدم أعمالا كبيرة فى السينما والتليفزيون، ليس تقليدا لأحد، لكن استغلال لما نملكه من قدرات، لدينا مناطق وقصص وتاريخ وأسطورة وممثلون، لكننا لا نحب المغامرة ونقوم بها على استحياء، ولو تفوقنا على تلك النقطة سوف تصبح لدينا فنون عالمية فى كل شىء.
علينا أن ندرك جيدا أن خروج الفن، أيًا كان نوعه، من المحلية إلى العالمية، فى ظل التطور التكنولوجى ووسائل التواصل الرهيبة الموجودة حاليا، سيكون له مفعول السحر على تحسين الصورة، وترك انطباع جيد لدى الأخرى، مما ينعكس بقوة على درجة الثقة فى النفس.