لقد اتبعت الولايات المتحدة الأمريكية العديد من استراتيجيات الأمن القومى على مر السنين، وقد اختلفت هذه الاستراتيجيات تبعا لاختلاف المخاطر التى تهدد الأمن القومى الأمريكى فى ذلك الحين واختلاف الأدوات المستخدمة والأهداف التى ترجو الولايات المتحدة الأمريكية تحقيقها، فقد كان هدفها عقب الحرب العالمية الثانية منع انتشار الأسلحة النووية فى العالم، وقد استخدمت الأدوات الاقتصادية والدبلوماسية والسياسية وشبه العسكرية وعملت على الإعلاء من دور وزارة الدفاع والمجالس المرتبطة بها على حساب وزارة الخارجية، وهو ما تشير إليه الباحثة مروة محمد عبدالحميد عبدالمجيد فى دراستها التى حملت عنوانا إلى «التغيير والاستمرار فى يستراتيجية الأمن القومى الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر»، وقد كانت أهداف استخدام الأدوات العسكرية فى استراتيجيتى البيت الأبيض الامريكى فى:
• محاربة الإرهاب والقاعدة وحلفائها
• تقوية التحالفات للقضاء على الإرهاب الدولى والتعاون لمنع الهجمات على أمريكا وأصدقائها.
• فرض الهيمنة الأمريكية وتحقيق السيطرة العالمية على مناطق العالم.
• الحفاظ على الانسجام والتضامن الاجتماعى والازدهار الاقتصادى والتقنية والتميز العسكرى.
• المساعدة فى إلحاق القوى العظمى «خصوصاً الصين، روسيا، الهند» بالنظام العالمى الجديد والحد من نفوذها.
• إنجاح الاقتصاد العالمى الجديد مع الدول الأخرى، وتحسين أداء المنظمات الدولية والحقوق الدولية.
• تنظيم وأقلمة المعاهدات الأمريكية مع الدول الأخرى، وكل الأعمال الإقليمية وفق الأوضاع المستجدة، بحيث يكون شركاء أمريكا من طالبى الاستقلال والقادرين على تحمل المسؤوليات الجديدة.
• مساعدة المجتمع الدولى على ترويض القوى المدمرة التى نجمت عن عهد التغير والتطور.
• السيطرة على منابع النفط والتحكم فى أسعاره.
• تشغيل وتدوير الصانعات العسكرية الأمريكية.
• تعزيز الوجود العسكرى فى المحيط الباسيفيكى.
• إيجاد عهد جديد من النمو الاقتصادى العالمى عن طريق الأسواق وتحرير التجارة.
ولكن أهم ما يعنينا من هؤلاء الأهداف التالية:
أولا: محاربة الإرهاب والقاعدة وحلفائها
منذ نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتى اتجهت الولايات المتحدة الأمريكية نحو الإسلام كعدو بديل فى استراتيجيتها وسعت إلى تضخيم الخطر الإسلامى لإقناع العالم بتوجهاته العدائية، وقامت بشن حملة على الإسلام ووصفه بالإرهاب بمعاونة الصهوينة، ونجد أن الدول التى شملتها الخطة الأمريكية ماعدا «كوريا الشمالية» هى دول إسلامية، وهذا يعنى أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تشن حربا مفتوحة ضد العالم الإسلامى. [58] إلى أن جاءت أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001 وأعلنت الولايات المتحدة الحرب على القاعدة وأنها ستقود حربًا عنيفة ضد الإرهاب على مستوى العالم. ورغم طول فترة هذه الحرب إلا أنها لم تفلح فى القضاء على التنظيمات الإرهابية الرئيسة التى مازالت تهدد الأمن والمصالح الأمريكية، [59] فقد أدركت الإدارة الأمريكية أن الإرهاب ليس نتاج الفقر فمنفذوا أحداث 11 سبتمبر كانوا من الطبقة الوسطى وزعمائها من طبقة الأثرياء، كما أن الإرهاب ليس نتاج السياسة الأمريكية العدائية فى العراق والقضية الفلسطنية ولكنه نتاج الانعزال السياسى فهو يسعى لتجنيد من ليس لديهم قدرة التعبير عن آرائهم وضحية أنظمة سياسية مستبدة حتى يعتنقوا عقيدة تحل لهم القتل حتى قتل الأبرياء وهذا ما دفع كثيرًا من الباحثين فى الإدارة الأمريكية للبحث عن أساليب جديدة لمواجهة الإرهاب تتضمن:
1 - استخدام القوة العسكرية وأسر العناصر الإرهابية وحرمانهم من ملجئهم الأمنية ومنعهم من امتلاك أسلحة الدمار الشامل والقضاء على مصادر التمويل والدعم ونشر الديمقراطية والقانون فى العالم ودعم سياسات الإصلاح السياسى.
2 - منع الهجمات الإرهابية قبل حدوثها وتبنى مبدا الضربات الاستباقية كما أن الحكومات الأمريكية ملتزمة بحماية مواطنيها، نظرا لأن الجماعات الإرهابية لا يمكن ردعها أو إصلاحها، لذلك يجب تعقبها قتلا أو أسرا ويجب نزع أفرادها من الشبكات الإرهابية التى ينتمون إليها مع إعاقة تلك الشبكات الإرهابية وردعها.
3 - منع الدول المارقة وحلفاء الإرهاب من امتلاك أسلحة الدمار الشامل من خلال آليات جديدة، لذلك تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى تعزيز التعاون الدولى لدعم الأمن فى المواقع النووية الضعيفة بالعالم فضلا عن تعزيز قدرتها على اكتشاف النشاط الإرهابى المتعلق بأسلحة الدمار الشامل وحرمان الجماعات الإرهابية من الدعم والملجأ الذى توفره لها دول المارقة، ونواصل غدا إن شاء الله.