منذ أيام شاهدت تقريرًا لقناة عربية بعيدة عن حسابات الصراع فى سوريا، كان المراسل يرصد أجواء العيد فى مدينة حلب السورية، لكن ما نقلته الكاميرا فى هذا التقرير لم تكن حلب التى نعرفها من قنوات الأخبار وصور وكالات الأنباء، فكان الناس يملأون الشوارع والمحال التجارية متزينة بالأضواء، والأطفال مع ذويهم فى الشوارع كأن شيئا لم يحدث، التفسير الأقرب للذهن أنها منطقة نجت من الخراب، أو أن هؤلاء الناس تمسكوا بحب الحياة وتكيفوا مع واقعهم المرير، وبحثوا فى ظلمات الحرب عن طاقة الأمل التى رأوها تلمع فى عيون صغارهم تطلعًا لمستقبل أفضل، أما التفسير المقلق أن كل ما تنقله الصور والأخبار أصبح يأتيك وفقًا لوجهة نظر أحد أطراف الصراع على حساب الحقيقة المجردة، أعرف أنه ما من وسيلة إعلام فى الكون تلتزم بالحياد، لكن ليس لدرجة أن تمحو شعبًا بأكمله من الوجود لمجرد زرع اليأس فى قلوبنا، ثمة كثير لا نعرفه عن الذين يعيشون تحت القصف فى بلداننا الجريحة ونحن نظن أنهم أموات، لكن الموت لا يحتمل وجهات النظر.