البحث عن الجوهرة الكامنة داخل الطفل هى الكنز الحقيقى الذى نحتاجه بقوة لمواجهة التطرف والعنف الذى يحاول أن ينشر رداءه الملطخ بالدم على كل حياتنا، لذا أبدى إعجابى بما قدمته قصور الثقافة منذ أيام فى الملتقى الثالث للموهوبين «أحفاد عبد الله النديم» الذى أقامته الإدارة العامة للمواهب التابعة للإدارة المركزية، فى حضرة الكاتب الكبير يعقوب الشارونى.
فى هذا الملتقى تصرف الشاعر أشرف عامر، بطريقة تحتفى بالمستقبل معترفا بمواجهة الواقع الأليم الذى يهددنا، فقد قرر رئيس قصور الثقافة عقد ملتقى شهرى مركزى لعرض منتجات الأطفال الموهوبين وإبداعاتهم فى كافة المجالات، وذلك بقاعة سعد الدين وهبة أو بأحد قصور الثقافة على أن يكون هناك ملتقى آخر فى كل إقليم.
بالطبع أتمنى أن يكتمل ذلك المشروع، وأن يستمر، وألا يكون الأمر فكرة جميلة فقط ثم نعانى بعد ذلك فى التنفيذ، لذا ومن باب المشاركة مع قصور الثقافة ودفعها لتحقيق هذا الأمر المهم، فإننا بعد شهر من الآن سوف نسأل المسؤولين فى الهيئة عن ملتقى الموهوبين الجديد، كما أننا سنحرص إن شاء الله الكريم أن نشهده، لأن مثل هذه الملتقيات وما يشبهها يقدم خدمة جليلة للجميع سندركها فى المستقبل.
وعن نفسى بعد أن تابعت هذا الحدث الذى يراه البعض بسيطا، وأراه كبيرا ومهما، وجدتنى أفكر فى جيل مهم فى التاريخ المصرى هم «شباب التسعينيات» وأعتقد أننا نتذكر جيدا كيف أن فئة منهم كانت تمر طوال الوقت فى الشارع وتجلس فى المساجد والزوايا بملامح متجهمة وأفكار قاتمة تسعى لنشر الخوف والتوتر فى المجتمع المصرى، حيث كانت الجماعات الإسلامية على أشدها فى تبنى الأفكار المتطرفة البعيدة عن الإنسانية، أبناء هذا الجيل كانوا أطفالا فى السبعينيات، وما أدراك ما السبعينيات، ففيها بدأ الانغلاق ينتشر على الجميع، وأصبح الحديث فى الثقافة والإبداع كأنه رفاهية لا يمكن الحصول عليها، وأصبح المتاح هو اللهو وليس الفن، ولو لاحظنا أفلام ومسرحيات السبعينيات سنجد الكثير مما يؤكد قولنا، لذا لا نريد أن يحدث ذلك للأجيال المقبلة، بل علينا أن نبحث عن الجزء المضىء فى قلوب الأطفال ومواهبهم وأن نساعدهم على تنميتها.
شىء مهم يجب الإشارة إليه هو أن ما تقوم به قصور الثقافة مهم وواجب عليها، لكنها لن تسطتيع أن تكمل الحلقة وحدها فهى تحتاج دعما قويا من الأسرة والمدرسة، فهاتان المؤسستان عليهما دائما اكتشاف مؤشرات المواهب التى يتمتع بها الأطفال ومساعدتهم والبحث فى الأماكن المتاحة التى تساعدهم مثل قصور الثقافة والأوبرا حتى يتم صقل الموهبة بشكل صحيح، وذات يوم سوف يجنى المجتمع ثمار ذلك.
نفعل ذلك ونشجع عليه وسنظل نكرر أننا لا نملك غير هؤلاء الأطفال ليتجاوزوا بنا السدود والعوائق التى يلقيها البعض فى طريقنا، هم أملنا فى غد أفضل وفى مساحة من التنوير أكثر اتساعا.