فى البداية لا أنكر أو أقلل مما تقوم به وزارة الآثار من جهد خاصىة فى مسألة الاكتشافات، ولعل عام 2017 من أفضل الأعوام فى هذا الجانب، ويوم السبت الماضى كنا على موعد مع اكتشاف مقبرة صانع المجوهرات فى الأقصر، وهى مقبرة مغرية بالزيارة، ورأى البعض أن الوزارة أحسنت فى اختيار موعد الكشف عن المقبرة، لأن شهر سبتمبر هو بداية العام السياحى، وعندما ينشر الإعلام العالمى أخبار هذا الاكتشاف فإنه حتما سوف يجعل الكثيرين يضعون مصر فى خطتهم السياحية.
لكن فى اليوم نفسه، السبت الماضى، حدث أمر غريب من وزارة الآثار، وليس له أى مبرر، حيث قامت البعثة المصرية الألمانية العاملة فى منطقة سوق الخميس فى المطرية، برفع قطعة أثرية تزن 800 طن فى صمت تام ودون معرفة الإعلام.
المسؤولون هناك يعتقدون أنه قطعة بلا قيمة فلا نقوش ولا دلالة ولا معنى، لذا لا داعى للإعلان عنها، لكن الأمر أبدًا لم يكن بهذه الطريقة، فمنذ تم رفع جزء من تمثال بسماتيك الأول من المكان نفسه منذ شهور مضت، ويومها تحدث الإعلام عن طريقة رفع رأس التمثال بحفار واعتبر الناس أن ذلك ليس علميا وأنه إهانة للآثار المصرية، وهذه البعثة أصبحت لا تحب الإعلام، لأنه هو من فعل بهم ذلك.
هذه القطعة الأثرية، التى بلا نقوش مهمة جدًا، وأهميتها تأتى من المنطقة المكتشفة بها، لأن العالم لا يزال يعيش ضجة العثور على الجزء العملاق من تمثال بسماتيك، ولا يزال يتابع بشغف العثور على أى جزء من التمثال، وما المانع أن تكون هذه القطعة الحجرية جزءًا من قاعدة التمثال.
أقول كلاما، وأظن أن مسؤولى الآثار يعرفونه أكثر منى، المتابع الأجنبى للآثار المصرية والشغوفين بها يتابعون كل التفاصيل عنها، وعندما يعرفون أنه تم رفع قطعة أخرى من المنطقة الأثرية، سيعرفون أن هذا المكان لا يزال نائما على كنوز لا أول لها ولا آخر، وسيظلون مشغولين بها بشكل دائم وبمناطق أثرية أخرى.
المسؤولون فى منطقة الخميس لم يفكروا بمنطق الجمهور، ولم يعرفوا أن الجميع يترقب ظهور القطع الأثرية، وأنها تترك لديهم شعورًا إيجابيًا، وأنهم لا يفهمون «قوى» فى مسألة الرموز، هم فقط يعجبهم أنه تم اكتشاف قطعة أثرية جديدة، فـ 90 % من الناس، الذين فرحوا لاستخراج جزء التمثال السابق كانوا يسمعون عن بسماتيك لأول مرة ولا يزال البعض يطلق عليه رمسيس، لكنهم أحبوا ذلك جدًا.
وعليه فقد أخطأ المسؤولون لأنهم رفعوا هذه القطعة فى اليوم نفسه، الذى يتم فيه افتتاح مقبرة مهمة فى الأقصر، كما أخطأوا عندما ظنوا أنها عديمة القيمة، ولا يزالون يخطئون لأنهم لا يعرفون حتى الآن إلى أين سينقلونها.