لجأت قطر إلى أسلوب قديم يعرف بنظرية «أفضل وسيلة للدفاع أحيانا يكون الهجوم» فتقدمت بالهجوم والتطاول والأكاذيب فحصدت ردا رادعا ومدروسا من كل دول المقاطعة.
محاولات مستمرة كل يوم منذ بداية الأزمة من الجانب القطرى بالقفز فوق الأزمة الحقيقية واختصاره بالدفاع عن السيادة القطرية، ومحاولة تعويم الإرهاب بربطه بالمصالح التجارية والاقتصادية، وهذا لن يؤدى إلا للمزيد من العثرات وبعد المسافة عن البيت الخليجى والعربى.
نعم هكذا كان المشهد الأخير فى الجامعة العربية يؤكد مدى الفجوة والمهزلة فى كلام مندوبها المعروف باسم «المريخى» ضمن خطاب ألقاه من النص المكتوب أمامه وليس مجرد ذلة لسان.
فقد استند فيه إلى أهمية دور إيران الشريف فى المنطقة؟! وهو ما دعا وزير خارجية مصر ووزير دولة الإمارات وسفير السعودية ومندوب البحرين للرد العنيف لتقليم أظافر نظام قطر المختل بادارتة والتأكيد على ممارساته الإرهابية والعمل على تحجيم استعراضاته كقوة على الأرض لتشكل مجرد خيال ووهم مستند على مال وغاز ودعم تحظى به من إيران؟!
والتأنيب والتهذيب الدبلوماسى الذى حصلت عليه قطر فى الجلسة فتح عليها بابا آخر ثبت أنها لا تعرف عنه الكثير هذا على الجانب العربى، فالاستمرار فى هذه الأزمة بمحاولات الصبر والضغط هو ضمن الرهان العربى لإعادة قطر إلى رشدها ومنعها من تصفية طاقاتها المالية واستنزاف مواردها كما يصرح لنا عدد من المصادر الدبلوماسية فى مقابل آخر، وهو الرهان من جانب السلطات القطرية على مشاريع الإسلام السياسى وأخطرها المشروع الإيرانى الذى تمدد فى العديد من الدول العربية بعد انهيار العراق فى منذ 2003 تحت واقع ذريعة الاحتلال الأمريكى. وهناك أيضا انهيار ما سمى بثورات الربيع العربى ورسالة مصرية قوية من شعب وجيش مصر بتوجيه صفعة للجميع استفاق بها الخصوم والأعداء فى عهد إدارة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما الذى ساهم بشكل ممنهج أساسى فى وصول الإخوان المسلمين إلى حكم مصر، أو تولى حزب الدعوة حكم العراق، أو كيف نصف الانتخابات الإيرانية تحت حكم المرشد الولى الفقيه أو فوز حماس الانتخابى أو النظام الحاكم فى سوريا؟ أليست هذه إرادة آخرين من أجهزة ودول تدعم الإسلام السياسى فى غياب التعليم وانتشار الأمية والبطالة وانعدام الرعاية الصحية وعدم احترام الحياة أو فقدان الرغبة فى العيش؟ الشعوب فى هكذا أنظمة ديمقراطية تنتحر بإرادتها بصناديق الانتخاب.
وعلى الجانب الدولى فقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا تحت عنوان «مبادرة ترامب لإنهاء المأزق السعودى القطرى تنهار مع تجدد تبادل الاتهامات»، قال فيه إن مبادرة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لإنهاء الأزمة التى أحدثت انقساماً بين أكثر الدول ثراء فى الشرق الأوسط قد باءت بالفشل يوم السبت الماضى، عندما أدلى قادة قطر والمملكة العربية السعودية ببيانات متناقضة وعدائية بعد تحدثهما هاتفياً للمرة الأولى منذ أشهر. وقد نظم ترامب هذه المحادثة التى جرت مساء يوم الجمعة الماضية، وتعهد بإحراز تقدم فى النزاع المرير الذى أقحم منطقة الخليج العربى فى حالة من الاضطراب والفوضى ويهدد المصالح الأمنية الأمريكية. فمنذ يونيو الماضى، فرضت السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين عقوبات على قطاعى التجارة والنقل ضد دولة قطر، واتهمتها بتمويل الإرهاب وإقامة علاقات وطيدة مع إيران.
ورفضت قطر هذه الاتهامات، مؤكدة أن منافسيها يسعون إلى الحد من سيادتها وترويض شبكة تليفزيون الجزيرة الفضائية. وقد تدخل ترامب فى هذا النزاع الأسبوع الماضى، مقدماً خدماته كوسيط ومتوقعاً تحقيق انتصار سريع. إذ قال فى البيت الأبيض يوم الخميس الماضى، أثناء لقائه مع أمير الكويت الذى قاد الجهود العربية لإنهاء الأزمة، «أعتقد أنكم ستتوصلون إلى اتفاق سريعاً».
لكن المكالمة الهاتفية التى جرت بين أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثانى، وولى عهد المملكة العربية السعودية، الأمير محمد بن سلمان، لم تسلط الضوء سوى على مدى صعوبة تسوية النزاع. ففى غضون ساعات من المحادثة، أصدرت وكالة الأنباء القطرية بياناً جاء فيه أن الأمير «رحّب بمقترح» الأمير السعودى الشاب بتعيين مبعوثين للسلام للمساعدة فى حل خلافاتهما.
وقد أغضبت هذه الصياغة السعوديين، الذين رأوا أن التلميح بأنهم أذعنوا أولاً فى هذا النزاع يشكل إهانة لهم. وردت وكالة الأنباء السعودية بتقريرها الخاص، نقلاً عن مسؤولين لم تكشف عن أسمائهم، اتهمت فيه قطر بتشويه الحقائق وأعلنت أن الحوار بين البلدين كان معلقاً، مؤكدة أن القطريين هم الذين طرحوا فكرة وسطاء السلام أولاً.
ويشير التقرير إلى أن قطر وخصومها يتبادلون الهجمات عبر وكالات الأنباء ومواقع التواصل الاجتماعى، وفى القصص الإخبارية المزيفة ورسائل البريد الإلكترونى المسربة، وكذلك فى شوارع العواصم الغربية. فقد اندلع سباق على النفوذ فى واشنطن، حيث ينفق الجانبان مبالغ ضخمة على جماعات الضغط والحملات الدعائية فى محاولة للتأثير فى الرأى السياسى والرأى العام. وبينما يرى بعض المحللين أن مكالمة يوم الجمعة الماضية، حتى لو لم تكلل بالنجاح، تعزز الأمل فى استعداد كلا الجانبين أخيراً لإجراء محادثات، يعتبرها آخرون مؤشراً على مدى تشبثهما بموقفيهما.
والحقيقة على أمريكا وغيرها اعادة حساباتها ومدى أهمية المصالح الخليجية والعربية ومصالحها المؤقتة مع قطر ولتقف امام هذة الازمة بشكل حاسم وتوجهاتها بتحرك وليس بكلام، وليس على حسب الأهواء والمصالح للبعض من داخل إدراتها كما فعل من قبل أوباما وإدارته فى السنوات السابقة.