مشهد محبب إلى القلب افتتح به الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالى، والدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، عامهم الدراسى الجديد، مشهد يوحى بأن فكرا جديدا ينمو بين أروقة جامعات مصر بوجه عام وجامعة القاهرة بوجه خاص، وهنا لابد أن أشير إلى أننى لست حياديا فى هذا الشأن، فالعاطفة هى التى تحركنى، هى التى جذبت انتباهى، فأنا ابن جامعة القاهرة، التى أحتفظ لها بأجمل الذكريات وأروع التجارب، ولهذا كان لمشهد لعب تنس الطاولة بين رئيس الجامعة، ووزير التعليم العالى، عظيم الأثر فى داخلى، فقد تذكرت معه أياما رائقة، وحياة ممتلئة، وصعلكة أدبية متشعبة، تمتد حدودها من كلية الآداب فى أول الجامعة وحتى كلية دار العلوم فى آخرها، مرورا بكلية الآثار، التى أعتبرها مصنع الوعى الحضارى فى داخلى وصاحبة الفضل الأول على عقلى البحثى حتى الآن.
وزير التعليم العالى ورئيس الجامعة «يلعبان»، نعم يلعبان، فهما من البشر، والبشر يحب البهجة، يحب الحياة، يعمل ليعيش لا ليموت، يجتهد لينجح، وينجح لكى يشعر بحلاوة أيامه، يبحث عن التقدير لكى يضمن احترام الناس، يبحث عن التحقق لكى يضمن الاستقرار، يكد ويشقى لكى يظفر بساعة صفا مع أبنائه أو أصحابه، واللعب هو المبتغى، اللعب هو الرفاهية والعمل فى آن، اللعب هو أساس المعرفة عند الأطفال والكبار.
كاذب من يدعى أن الجهامة والكآبة والبؤس من مظاهر الجدية والاحترام، فالبهجة أيضًا لها وقارها، ولها فلسفتها، فالجندى الذى يقبل على الحياة مبتهجًا أشرس دفاعًا عن حياته إذا ما تعرضت للخطر، والموسيقى الذى يستطعم كل نغمة يطلقها أعذب من غيره، الذى يؤديها بطريقة آلية ميتة، والكاتب الذى يرسم كلماته حريص على إيقاعها وجرسها الموسيقى أقدر على تطويع اللغة وتوصيل المعلومات والأفكار، ولا تغنى الجدية أبدا عن البهجة، كما لا تغنى البهجة عن الجدية، وإذا حقتت جامعة القاهرة ووزارة التعليم العالى تلك المعادلة الصعبة وحافظت على البهجة والجدية أتوقع أن نحظى بجيل على قدر كبير من التفوق والحيوية والرقى، فالجامعات مصانع المستقبل، وعلى قدر الحب يكون الإتقان.