لماذا لا يتم تحريك الدعوى الجنائية ضد المشايخ المزعومين من أصحاب الفتاوى الشاذة والمتطرفة التى تكدر السلم العام وتنخر كالسوس فى جسد مجتمع يحاول التعافى من أمراض التطرف والإرهاب والجهل والتخلف والعشوائية؟ هل يعقل أن تشعل فتوى أطلقها مخبول بجواز مضاجعة الرجل زوجته المتوفاة كل هذا الجدل ويخرج صاحبها ليدافع ويبرر ويظهر أشباهه من المرضى المتخلفين ليسوغوا ما قال ويدافعوا عنه بأقوال تراثية ظلامية لا تستحق إلا الحرق؟ هل يعقل أن يروج متطرف آخر لتزويج البنات فور ولادتهن وهن بعمر يوم واحد ردا على القوانين المدنية التى تحدد سن الزواج بثمانية عشرة عاما.
قولا واحدا، مثل هذه الفتاوى وغيرها تندرج ضمن حروب الجيل الرابع لقصف العقول وخلق بيئة حاضنة للتطرف، وعشنا ورأينا كيف عمل مثل هؤلاء المتطرفين لسنوات طويلة فى عهد مبارك وبتمويلات قطرية وغير قطرية على تدمير الثقافة المدنية المصرية واستبدال ثقافة التطرف الدينى والتعصب فى الرأى وكراهية الآخر المختلف بثقافة التسامح والتعايش والوسطية واليسر التى ازدهر فى ظلها المجتمع المصرى عقودا طويلة، حتى إذا حانت اللحظة المناسبة دعا هؤلاء المتطرفون إلى حمل السلاح ضد الدولة وتشكيل العصابات الإجرامية من الشباب المخدوع للهجوم على رجال الشرطة والجيش والقضاة والأقباط.
التسيب والتراخى من قبل الأجهزة التنفيذية أدى إلى ترك مجموعات السلفيين وأتباعهم يزرعون أفكارهم المنحطة فى المجتمع ويشكلون تيارات سرية فى المحافظات تبدأ بالصلاة فى مساجد تخصهم ثم الاجتماع على ضرورة تغيير المجتمع بالكلام والتحذير أو بالقوة، يعقبها مباشرة خطوة التواصل مع الإرهابيين بالخارج وتلقى التكليفات والتمويلات منهم للقيام بالعمليات الإرهابية وغالبا ما ينجحون فى المرة الأولى لأنهم لا يكونون مسجلين لدى الأجهزة الأمنية.
السؤال المنطقى البديهى، لماذا تسعى أجهزة الدولة لمواجهة أعراض المرض وهم الإرهابيون ويتركون المرض نفسه والمتمثل فى الجماعات السلفية المتطرفة التى تنشر الجهل والتخلف والتطرف فى المجتمع لتخلق بيئة مناسبة للإرهاب ؟ ولماذا لا تجفف الدولة منابع الإرهاب بردع أصحاب الفتاوى الشاذة والأفكار المريضة المنافية للفطرة وللإنسانية وتخالف القانون؟
يا سادة يا أفاضل، نحن مجتمع مثقل بالأمراض والأخطاء المتوارثة ونريد حقا أن نبنى ونعمر وننشء المصانع ونستصلح مزيدا من الأراضى، نريد روحا قتالية لننهض ونواجه مشاكلنا بحسم، وأبعد ما يكون عن أحلامنا هى ثقافة سفاسف الأمور والتواكل والانشغال بما لا يفيد.
تخيلوا لو حركت النيابة العامة وهى المعنية بالدفاع عن عموم المصريين، الدعوى القضائية ضد عشرة من المتطرفين أصحاب الفتاوى الشاذة بتهمة تكدير السلم العام وتمت محاكمتهم وتوقيع العقوبة عليهم، هل ستصادفون بعدها من يتنطع بفتاوى شاذة أو يسعى لتدمير المجتمع؟ أشك كثيرا.