لم أكن أتخيل أن تثير تحية علم مصر التى قام بها طلاب جامعات مصر كل هذا الجدل على مواقع التواصل الاجتماعى التى ابتلانا ربنا بها، منهم من سخر من فكرة «تعميق الانتماء» ومنهم من سخر من فكرة أن يقوم الشباب «الكبار» بتحية العلم كما لو كانوا صغارا، ومنهم من سخر من الفكرة نفسها وكأنها رجس من عمل الشيطان، فالجامعة من وجهة نظر البعض مكان للعِلم وليس للعَلم، وفى الحقيقة فإن مثل هذه الاعتراضات التى سرعان ما سيتراجع أصحابها عنها حينما يكتشفون وهنها وضعفها وهشاشتها لا تصب فى مصلحة أحد، لكنها تنال من براءة الفكرة، وعمق المغزى، فلماذا نشوه كل ما نقوم به؟ ولماذا نبحث دوما عن سكين لنزرعه فى جوال القمح؟
كنت أتخيل أن كل شىء يجوز أن نختلف عليه أو حوله ما عدا حب الوطن، أو بالأصح ما عدا الأمور الوطنية، لكن للأسف للسيد الأستاذ «فيس بوك» ورفاقه رأى آخر، رأى هادم، وللأسف أيضا نحن لا نعرف أى علم سيحييه هؤلاء الذين يعترضون على تحية علم مصر؟
هذا العلم مات من أجله شباب، هذا العلم خاض حروبا ودخل إلى غمار المعارك، سافر بين بحار من دماء ليظل عاليا خفاقا، هذا العلم هو كل شهيد تربى على أرض مصر وغاص فى قلبها، هذا العلم هو المعنى المجرد للوطن، تماما مثل المحراب الذى يعد أيضا شكلا مجردا للقبلة، هذا العلم رمز مصر، وإن كان البعض يبخل عن رمز مصر بالتحية ساخرا من أن يحيى الطلاب رمز بلدهم، فلماذا نطالب الشباب بالعمل والكد والسهر والاجتهاد؟
أود لو أعرف ما الذى فكر فيه الذين سخروا من تحية علم مصر، وإلى ماذا رموا؟ هل كانوا يعتقدون أن فى تلك الاعتراضات فائدة تذكر سوى النيل من قدسية علم مصر؟ هل ظنوا أنهم بهذا السخف سيظفرون بألقاب البطولة والنضال؟ هل تاهت بوصلاتهم حتى ظنوا أنهم سيصبحون مناضلين وهم يسخرون من رمز فقد ملايين المصريين أرواحهم على مر التاريخ فداء له؟
اللهم اشف كل مريض، والعن كل مغرض.