هاقد بدأت الإجراءات التنفيذية للمشروع الصهيو أمريكى الخاص بتفتيت المنطقة العربية، مع إعلان مسعود برزانى عن إجراء الاستفتاء الانفصالى فى إقليم كردستان، تمهيدا لإعلان الانفصال رسميًا عن العراق، وتبعه الأكراد فى سوريا بإعلانهم عزمهم على تنظيم استفتاء مماثل، تمهيدًا لإعلان انفصالهم عن الدولة السورية، ليس هذا فقط، بل إن انفصال الأكراد فى سوريا والعراق بدول مستقلة، سيفتح الباب أمام التركمان والسنة فى العراق لإعلان دولهم المستقلة، وكذا ما يعرف بقوات سوريا الديموقراطية الموالية لواشنطن، التى تكرس للسيطرة على مناطق واسعة من سوريا مع بروتوكول بين موسكو وواشنطن لحمايتها من القصف والاجتياح من قبل القوات السورية المدعومة من روسيا وإيران.
ومن العراق وسوريا هناك مساع محمومة لتكريس التقسيم فى ليبيا إلى دولتين أو أكثر عن طريق دعم الميليشيات الإرهابية الموالية لحكومة السراج فى طرابلس الغرب وتضييق الخناق على قوات المشير حفتر وعدم الاعتراف بها دوليا رغم سيطرتها على معظم الأراضى الليبية.
وفى اليمن هناك مساع لتكريس الانفصال مجددا بين اليمن الجنوبى والشمالى مع الفصل بين المناطق، التى يسيطر عليها الحوثيون المدعومون من إيران وقوات على عبدالله صالح وقوات الجيش النظامى الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادى والمدعومة من قوات التحالف العربى.
ليس غريبًا إذن أن يكون العلم الإسرائيلى مرفوعًا عاليًا فى مظاهرات الأكراد الداعين للانفصال عن العراق، ولا أن يكون نتانياهو وتل أبيب الدولة الوحيدة المؤيدة علنا لانفصال كردستان، وليس غريبًا أيضا أن تكون الأسلحة الإسرائيلية موجودة فى أيدى ميليشيات الإرهاب والجماعات الموالية لقطر والإخوان فى غرب ليبيا.
وليس غريبا أيضا أن يكون الخطاب الأمريكى البريطانى مائعا يبدو محايدا فى الظاهر تجاه أزمة انفصال كردستان مع التأكيد على ضرورة المفاوضات والحل التوافقى بين بغداد وأربيل مع التأكيد على أربيل عاصمة للأكراد فى العراق فى الخطاب الإعلامى الغربى حتى تصبح أمرا واقعا فى الذهن العام، تمهيدًا لفرضها أمرا واقعا على الأرض، وما تردد عن مقترحات أمريكية وبريطانية بديلة، ماهو إلا نوع من الإخراج السياسى لتمرير الانفصال بدون ردود أفعال عربية عنيفة.
والخلاصة أن الاستعمار سيظل الاستعمار، مهما تخفى وتلون وأعلن عن تغيير جلده وتوجهه وأهدافه تجاهنا نحن أبناء دول العالم الثالث، الذين عانينا عقودا طويلة من بشاعته وظلمه ونهبه لثرواتنا ومن خططه الجهنمية للبقاء جاثما على صدورنا عبر وكلائه الحكام المحليين.