وجها لوجه وجدت نفسى أمام أمير قطر، وأنا أعبر الشارع المواجه للجمعية العامة للأمم المتحدة، طويل ونحيل وأسمر، وكان يسير بسرعة ووراءه مجموعة من حرسه الخاص، وهرول لدخول فندق إقامته المواجه تماما لقاعة الجمعية العامة، وعلى بعد خطوات قليلة، كان الهتاف مدويا فى مظاهرة كبيرة تنديدا بجرائمه، ليس من المصريين فقط، بل من جنسيات أخرى اجتمعوا على فضح تدخله السافر فى شؤون دولهم، ولم تنفع فلوس تميم فى شراء متظاهرين مؤيدين له، إلا من بعض عناصر الإخوان، وكان شكلهم وحش جدا.
وكما لم تنفع دولارات تميم فى شراء متظاهرين مؤيدين له، لم تنفعه فى شراء مكان مميز داخل قاعة الجمعية العامة، وربما تصور أنه لا فرق بين الفيفا والأمم المتحدة، كله بالرشاوى والدولار وشراء المكانة، وجلس فى القاعة فى مكان يساوى وزنه وحجم إمارته، لكنه استطاع أن يقيم فى الفندق الأفضل، ولا أحد ينازعه فى حجز أجنحة الفنادق، ولكن عند شراء المواقف الشرفاء يرفضون والدولارات لا تشترى الاحترام.
مصر لا تدفع مثل غيرها ولكنها تفعل، وتؤمن أن العالم لن يحترم إلا من يحترم نفسه، ولن يمد يده إلا للأقوياء، ومصر قوية لأنهم شاءوا أم أبوا، هى الطرف القوى فى أحداث المنطقة، ويلجأ إليها الجميع ليس حبا فى سواد عيونها، وإنما إدراكا بأنها ممسكة بكثير من الخيوط، وأثقلتها التجارب والخبرات رؤية ثاقبة بشأن مختلف القضايا، وكنموذج حى القضية الفلسطينية التى تشتت على عشرات من موائد التفاوض، وحاولت دول عربية وإقليمية كثيرة أن يكون لها دور، وبمرور الوقت تأكد الجميع أن الدور المصرى هو الأكثر حسما وتأثيرا، وأن الحل هو العودة إلى الوسيط الشريف.. مصر.
الرئيس السيسى كان أمينا وصادقا وهو ينصح الفلسطينيين بوحدة الصف، ولا يضيعوا من أيديهم فرصة قد لا تأتى مرة أخرى، وما أكثر الفرص الضائعة، وكان أيضا ناصحا وهو يوجه نداء للإسرائيليين، بأن يأخذوا من تجربة السلام مع مصر نموذجا يمكن تكراره، فمصر التى كانت قائدة فى الحرب، هى أيضا مفتاح السلام، والطرف الذى يمتلك قنوات مفتوحة ومواقف مكفولة بالثقة مع كل الأطراف.. إنها مصر تسترد قوتها، وتكتسب ثقة واحترام العالم.