هل نجح السوشيال ميديا؟.. أمثلة كثيرة كشفت لنا عن نجاح وسائل التواصل الاجتماعى «السوشيال ميديا» فى التأثير تحديداً فى مصر، وآخر الأمثلة على ذلك واقعة السجادة الحمراء التى تم فرشها أثناء افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى لعدد من المشروعات بمدينة 6 أكتبر قبل أيام، فالسوشيال ميديا حولت واقعة السجادة إلى القضية الأساسية، لدرجة أنها غطت على المشروعات التى افتتحها الرئيس، فقليل من يعرفون تفاصيل الـ34 مشروعاً التى تم افتتاحها، والسبب أننا سرنا خلف وهم السوشيال ميديا ونسينا الأهم وهى المشروعات.
تماماً مثلما حدث أثناء حضور الرئيس لإلقاء خطابه أمام مجلس النواب، فالسوشيال ميديا حاولت أخذ الجميع إلى اتجاه آخر وهو «تشريفة الرئيس»، ومرور سيارة الرئيس عكس الاتجاه فى شارع القصر العينى، كلها أمثلة تؤكد أننا أمام مشكلة أراها كبيرة ويعتبرها البعض «تافهة»، أراها مشكلة لأنها تصب فيما يسمى بـحروب الجيل الرابع» التى تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعى لبث شائعات أو للفت انتباه الجمهور إلى أمور ثانوية حتى لا يهتموا بالأشياء الجادة، وهدفهم واضح وهو التقليل مما يحدث، ليفقد الجيمع ثقته فى الدولة. استخدام السوشيال ميديا واضح جداً ليس فقط من خلال توجيه الجمهور نحو أمر معين، لكن من خلال طرح هاشتاجات لها طابع خاص هدفها اللعب على وتر الوطنية لدى المصريين، ومنها هاشتاج «عايز تسيب مصر ليه؟» الذى انتشر على موقع «تويتر» قبل عدة أيام وحاول طارحوه أن يجملوا أمام الشباب المصرى فكرة الهجرة من مصر، من خلال تضخيم السلبيات، وكاد هذا الهاشتاج أن يحقق هدفه لولا يقظة عدد كبير من الشباب المصرى الذين ردوا عليه بهاشتاج «تحيا مصر»، و«عمرى ما فكرت أسيبها»، فضلاً عن تدوينات استهدفت فضح القائمين على هذا الهاشتاج، منها على سبيل المثال ما كتبه أحد الشباب «اللى عاوز يسيب بلده ميستهلش يعيش فيها أساسا»، وآخر قال
هما اللى عاملين الهاشتاج ده حد مسك فيهم ما يسيبوها، لو كانوا لقوا بلد تلمهم كانوا سابوها، والنبى سيبوها محدش عاوزكم».
من يتابع وسائل التواصل الاجتماعى خاصة خلال الأيام الماضية سيرصد وجود نشاط ملحوظ من بعض الحسابات على فيس بوك وتويتر فى اتجاه حث الشباب على التمرد على الدولة، وكرهها، والبعد عنها، وهناك من يدعوهم للامبالاة، وحسابات أخرى تضخم من بعض الأمور الشكلية لتغلق أبواب الحديث عن الموضوعات المفيدة، أو المشروعات التى تم إنجازها مثلما حدث فى واقعة السجادة الحمراء، وكما رأينا أيضاً فى واقعة مقتل الشاب الإيطالى جوليو ريجينى الذى خرجت بعض الحسابات لتحمل وزارة الداخلية المسؤولية والترويج لروايات عن القبض عليه وتعذيبه، ومحاولة تصدير هذه الروايات باعتبارها الحقيقة المطلقة، رغم أن الجميع يدرك أن هذه القضية يكتنفها الغموض، وأن إيطاليا تدرك جيداً أن مصر لن تتخاذل فى التحقيقات وأنها ستعلن المسؤول حتى وإن كانت الداخلية طرفا فى الأمر، لكن هذه الحسابات حاولت توريط مصر فى أزمة مع دولة تربطنا بها علاقة قوية مثل إيطاليا كما فعلت قبل ذلك مع روسيا فى أعقاب سقوط الطائرة الروسية فى سيناء.
كيف نواجه شائعات السوشيال ميديا؟..المواجهة تكون بوجود وعى جمعى من خطورة التداول غير الدقيق لمعلومات غير صحيحة، هذا لن يتوافر إلا حينما يدرك الجميع بمخاطر ما تتعرض له مصر من حروب الجيل الرابع التى حاول البعض التشكيك فيها حينما جرى الحديث عنها، فهذه الحروب موجودة بالفعل وتتعرض لها مصر حالياً أكثر من أى وقت مضر، خاصة من جانب بعض اللجان الإلكترونية التى يبدو أنها تدار من أجهزة مخابراتية خارجية تهدف إلى الإضرار بمصر عبر تشكيك الشباب بها وبقدرتها على النهوض بعد الأزمات التى ألمت بها قبل أربع أو خمس سنوات.
نحن بحاجة لتوعية جماعية من مخاطر ما نتعرض له، ويخطئ من يعتقد بأننا أصبحنا فى مأمن من هذه المحاولات، لأنه مهما كانت الدولة قوية فى رصد ومتابعة أصحاب هذه الحسابات المشبوهة، أو مواجهة ما نتعرض له من محاولات للتشكيك وبث الشائعات والأخبار الكاذبة، فالأهم أن يكون لدى المصريين وعى بكل ما يحدث، لأن الدولة لا تستطيع أن تسيطر على عقول 90 مليون مصر، بل يجب أن تصل إلى طريقة تجعل الـ90 مليون مدركين لما يحدث ليكونوا رقباء بأنفسهم، وهذا لن يتم إلا بالحديث الواضح والمباشر عن حروب الجيل الرابع ولا نكل ولا نمل من هذا الشرح للشباب فى الجامعات ومراكز الشباب والأندية، وأن تشترك الكنائس والمساجد فى هذا الشرح.