إن نظرية تفاضل القوانين ووحدة النظام الكونى العامة القائمة على ازدياد التعقيد التصاعدى فى تركيب الأشياء، من أصول قليلة العدد أو من أصل واحد، نظرية علمية تفسد ما هو غامض ومجهول ومعقد بما هو واضح ومعروف من الأمور البسيطة نوعاً، شريطة أن نجد لها فضلاً عن ذلك ميزتين الأولى؛ أنها تساعد على حل مشاكل عديدة ما زلنا فى حاجة إلى حلها حلاً عقليا، وهذا ما يعرف فى العلوم الطبيعية "بخصب" النظرية. والثانية؛ أنها تساعد على أن تسقط من المعرفة ما يكون فيها من آراء تخيلية لا أصل لها إلا حاجة العقل الإنسانى إلى ملء كل الفراغ فيه.
فصورة الكون والمعرفة التى تؤدى إليها هذه النظرية، صورة ثابتة الأساس وصحية الأركان مستقيمة التكوين واضحة النظام رغم ما فيها من فجوات، وقد تبين أن هذه الفجوات على كثرتها لا تحجب النظام العام.
ولم يكن من المتصور أن تكتمل الصورة قبل أن يكشف العامل الالكترونى فى الكون وذلك أن القدماء الذين لم يعلموا إلا الصفات الفيزيائية كاليابس والرطوبة والحرارة والبرودة، حاولوا أن يقيموا صورة مستقلة للكون على هذه الأسس فقط، فكانت صورة ناقصة الأبعاد وبعيدة كل البعد عن الحقيقة، ثم كان العلم بالكيمياء، فحاول العلماء أن يفهموا الكون على ضوء هذا العلم، فكانت الصورة أتم وأعمق درجة وأقرب إلى الحقيقية الكاملة.
إلا أن العلماء أسرفوا فى محاولاتهم إخضاع الظواهر الكونية للقوانين الكيميائية بعد أن عجزت الفيزياء وحدها عن تفسير هذه الظواهر كاملة، وأخذ الكثيرون يرون أن الحياة ليست إلا ظاهرة كيميائية معقدة، وهذا خطأ كبير.
والبحث ما زال يدور فى الأصل الكيميائى للحياة، وقد وُفَق العلماء فى بحثهم هذا إلى حقائق كثيرة ولكنى اعتقد أن انقسام الخلية، وهو جوهر النظام الحيوى، ما زال عقبة فى تفسير الحياة تفسيراً كيميائياً بحتا، وهذا ما سوف نفرد له مقالاً آخر .
كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة .