من يعرفونه يؤكدون أنه كان مثالا للطيبة والتساؤل والحيرة، شعوره المرهف هو ما جعله يدخل إلى قلوب الملايين، إخلاصه للحالة الغنائية جعلته فى أوائل سلم الطرب برغم إمكانياته الصوتية المتواضعة، كان فضل شاكر بحق «معبود الجماهير» يقبلون عليه فى كل الأحوال، إن غنى أغنيات جديدة أو قديمة، يعيدون اكتشاف إرثهم من الماضى الجميل، يتمايلون مع أغانى وردة التى أداها بصوته، يتذكرون «ليلى مراد» يصدحون بروح عبدالحليم ومحرم فؤاد، وظل فضل شاكر هكذا لأكثر من عشر سنوات، صاعدا صاعدا نحو التألق والنجومية، صاعدا فى قلوب محبيه حتى وصل إلى العنان، ودون سابق إنذار انحرف فضل شاكر عن مساره، وفى أول ظهور له، رأينا شخصا آخر، اختفت الوسامة تحت الجهامة، وانطفأت الابتسامة من خلف اللحية السوداء، والجميع يسأل ما الذى حدث؟ والجرائم وحدها هى التى تجيب.
كلمة السر التى حولت فضل شاكر إلى هذا المسخ بعدما كان شمسا مشرقة هو الداعية السلفى «أحمد الأسير» فقد ظهر شاكر مع الأسير مرة، وبعدها اعتزل الفن واحترف التطرف، لم يمتلك هذا الأساس الفكرى الراسخ الذى يمكنه من الجمع بين الخير المتناثر فى كل شىء، تعرض لعملية غسيل مخ وقحة، أشعل «الأسير» الحقد فى قلبه الذى ملأ القلوب حبا، نمت الطائفية فى قلب «فضل» فتطوع لقتال بشار الأسد وحزب الله فى سوريا تحت لواء الإرهابيين، حتى تورط فى قتال الجيش اللبنانى، فحكمت المحكمة عليه مؤخرا بالسجن 15 عاما، مأساة متجسدة تطرح التساؤل: لماذا ترك كل هذا الجاه وذهب إلى ما لا يحمد عقباه ليعلن بعد هذا توبته عن «السلفية المزيفة» وينال عقابا قاسيا؟
الإجابة للأسف هى «السطحية»، فقد صعد شاكر إلى قمة النجومية قبل أن تكتمل خبراته الإنسانية، فظهر فى ثوب المراهق الذى يسهل التأثير عليه باستغلال روحه الحائرة ورغبته فى الخلاص من الشرور، شعارات جوفاء وقع «فضل» فى فخها، وهو ما يؤكد أن روح الفن السمحة الفاضلة ربما تغيب عن أشهر الفنانين الذى يسهل التأثير عليهم باستغلال طيبتهم وسعيهم الدائم للفضيلة، لم يمتلك «شاكر» هذا الوعى الذى امتلكه فنانون عظام مثل نجاح سلام ورياض السنباطى ومحمد القصبجى وغيرهم عشرات ممن اشتهر عنهم ميلهم للورع وإعلاؤهم للروح الإيمانية دون تعارض مع رسالتهم الفنية السامية، ولم يعرف أن للفن دورا لا يتعارض مع دور الدين وإنما يعضده، وهكذا صار «فضل شاكر» بطلا تراجيديا مثل أبطال المسرحيات الكلاسيكية، لا ذنب له سوى عدم الانتباه إلى نقاط ضعفه.