دائما هو جيش مصر، الذى تنشق عنه الأرض، لينقذ البلاد من المحن والأزمات، لتظل رايتها مرفوعة فى السماء، ونصر أكتوبر هو مخزون عزة الوطن وكبريائه، فمن أحشاء الهزيمة ولد النصر، فى وقت ظن فيه العدو والصديق، أن الحرب مستحيلة فى ظل توازنات إقليمية ودولية بالغة الصعوبة.
فى ذكرى الانتصار العظيم نستدعى دروسا خالدة، أهمها أن مصر دائما تجد نفسها فى أرواح مقاتليها، فمن صنعوا النصر ليرفعوا عن كاهل البلاد عار الهزيمة، هم أنفسهم الذين حافظوا عليها يوم أن حاولت جماعة إرهابية أن تهزمها وتقهر شعبها وتنال من إرادتها، فتصدى الجيش لكل من حاول أن يمس سيادتها واستقلالها.
المصريون مطمئنون على وطنهم، لأن جيشهم جزء منهم، فيه عزيمتهم وإصرارهم، لا يفرِّط فى الأمانة، ولا تغفل عينه عن حماية البلاد ضد أعداء الداخل والخارج، وعادت مصر إلى شعبها فى 30 يونيو، بفضل جيشها الذى تصدى لمحاولات تفكيك الدولة، وحافظ على شعبها وممتلكاتها ومؤسساتها.
انهارت دول حولنا وتشردت شعوب، وعصفت الفتن والمؤامرات بالمنطقة، إلا مصر حفظها الله من كل شر، لأن لها جيشا وطنيا عظيما، يعرف قيمة الوطن والأرض، لا يرفع سلاحه إلا فى وجه المعتدى، ويحيط نفسه بسياج من الوطنية، تحميه من الفتن والتشرذم.
لن أسأل: ماذا كان يحدث لمصر لولا جيشها؟ فهذا الجيش جعل الشعب قبلته، مدافعا عنه ومقاتلا من أجله، وحين أصدر الشعب أوامره للجيش لينقذ البلاد من الضياع، لم يتأخر لحظة، وعزف الاثنان لحن مصر التى فى خاطرى وفى فمى.
ما أحوجنا فى أكتوبر لأن نسترجع أجمل أيام مصر، و«رايحين فى إيدنا سلاح وراجعين رافعين رايات النصر»، لنقول للشقيق قبل الصديق، إن مصر قادمة لتستعيد مكانتها وريادتها ودورها.. مصر التى يسخر البعض من فقر شعبها، ولكنها أبدا لن تظل فقيرة ولن تمد يدها لأحد، فكنزها الذى لا يفنى هو شعبها، ودرعها الواقية هى جيشها، نستأمنه على حاضرها ومستقبلها، ليستعيد مجدها وتقدمها.
هذا العام بالذات لا ينفع أن نحتفل بأكتوبر يوما أو يومين، أو نكتفى بعدة برامج ولقاءات، نحتاج أسبوعا أو أسبوعين، الشعب يريد أن يفرح ويستعيد ذكريات أمجاده، ويغرس فى نفوس رجاله ونسائه وشبابه طاقة أمل، وأن الصبر والتحمل ستكون نهايته انتصارا مثلما حدث فى حرب أكتوبر، يوم تنزاح الغمة الناتجة عن سنوات الفوضى والخراب.
الشعب يريد أن يحتفل بجيشه، وأن يضع فوق جبين كل مقاتل قبلة، شكرا لن نوفيكم حقكم، عشتم لمصر، وعاشت مصر بكم.