فى 3 مارس 2011، ووسط الزخم الثورى، نصبت جبهة العواطلية بقيادة البرادعى، وصباحى، وأيمن نور، وممدوح حمزة، والإخوان، وأطفال أنابيب الثورة، ودواسات تويتر، فخ اصطياد الفريق أحمد شفيق، لاستبعاده من رئاسة مجلس الوزراء، بالتنسيق مع علاء الأسوانى، ويسرى فودة فى مناظرة إهانته وتشويه صورته على الهواء مباشرة، ونجحوا فى ذلك، ما دفع المجلس العسكرى حينها إلى استبعاد الرجل، وجاءوا بالدكتور عصام شرف ليخلفه على مقعد رئاسة الحكومة، وتنصيبه من ميدان التحرير، فى مشهد سياسى مراهق ومهين لوجه الدولة، والنيل من هيبتها.
ولم تكتف جبهة العواطلية بمؤامرة التنكيل وتشويه صورة شفيق، بل سارعوا فى تحريك الدعاوى القضائية ضده، والمطالبة بالقبض عليه وإيداعه السجن بجوار أستاذه ومعلمه، حسنى مبارك، بتهم الفساد.
وفى عام 2012، أعلن الفريق أحمد شفيق خوضه الانتخابات الرئاسية، وحاولت جبهة العواطلية منعه بكل الوسائل، ومنها اتفاقهم على إعداد مشروع قانون للعزل السياسى، يطبق ضد كل قيادات نظام مبارك ورجال الحزب الوطنى، وأعطوا الإشارة الخضراء لعمرو حمزاوى لتنفيذ الخطة، لكنها فشلت، لتعارضها مع القانون، والتأكد أن المحكمة الدستورية ستحكم ببطلانه من أول جلسة!
وخاض أحمد شفيق الانتخابات، بجانب محمد مرسى عيسى العياط، وحمدين صباحى، وعمرو موسى، وعبدالمنعم أبوالفتوح، وخالد على، وكانت كل المؤشرات تصب فى مصلحة أبوالفتوح وعمرو موسى، ولكن كانت المفاجأة أن أحمد شفيق استطاع المنافسة بقوة، ووصل إلى الإعادة كتفًا بكتف مع المعزول وغير المأسوف عليه مرسى العياط.
وهنا هبت جبهة العواطلية فى ثورة عارمة، وعقدوا اجتماعات مكثفة للإطاحة بأحمد شفيق بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، واستحدثوا شعارين لتشويه صورته، الأول: «بيننا وبين شفيق دم»، والثانى: «اعصر ليمون واختار مرسى»، ثم عقدوا مؤتمر فيرمونت الشهير، بمشاركة كل أعضاء الجبهة المشكلة حاليًا، أعلنوا فيه كل أنواع التهديد والابتزاز السياسى للمجلس العسكرى السابق ومؤسسات الدولة علنًا، وأبرزها التهديد بحرق مصر لو نجح شفيق.
وفات الجميع أن مؤتمر فيرمونت الشهير كان أول ضربة لمصداقية جبهة العواطلية، وشعاراتهم التى رددوها فى 25 يناير، ودغدغت مشاعر المصريين البسطاء حينها، وهى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ولم يستطع شخص حينها أن يطرح سؤالًا واحدًا، كيف تستقيم تهديداتهم للدولة بضرورة نجاح محمد مرسى وتسليم مفتاح البلاد لجماعة إرهابية، وأنه فى حالة نجاح شفيق فإنهم سيحرقون مصر، ويقضون على الأخضر واليابس، فهل هذه هى الديمقراطية والحرية التى نادوا بها فى الثورة الينايرية غير الميمونة؟!
ورغم ما أحيط بعملية فرز الأصوات فى تلك الانتخابات من ارتباك، وما استتبعها من تناثر معلومات هنا وهناك، بأن أحمد شفيق هو الفائز بمقعد الرئاسة، فإن اللجنة العليا للانتخابات أعلنت عن فوز محمد مرسى عيسى العياط، فى يوم هو الأسوأ فى تاريخ مصر.
وبدلًا من أن يعيد أحمد شفيق ترتيب أوراقه، والدفاع عن حقه، ويستغل الملايين التى حصل عليها فى تكوين كيان معارض لجماعة الإخوان، ويكون شوكة قوية فى حلق مخططاتهم الرامية لاختطاف البلاد وإعادتها للعصر العثمانى، قرر الهروب، تحت زعم أنه سيؤدى العمرة، ومنذ ذاك التاريخ يؤدى الرجل أطول عمرة فى التاريخ الإسلامى، تاركًا للإخوان الملعب خاليًا يفعلون ما يشاءون!
ولم يمر عام واحد على اختطاف الاخوان للبلاد، حتى انتفض المصريون من أقصاها إلى أقصاها، وخرجوا فى حشود تاريخية فى كل شوارع مدن وقرى ونجوع محافظات مصر المختلفة فى 30 يونيو 2013، ولم يجدوا حينها سوى رجال القوات المسلحة، بقيادة المشير عبدالفتاح السيسى، لتحمى ظهورهم، وتقدم لهم يد العون والدعم والمساندة، وشال السيسى كفنه على يديه وقرر دعم إرادة المصريين، ومواجهة ما يستتبعه القرار من مخاطر جسيمة، أبرزها الإرهاب والخراب والدمار.
هنا أدرك المصريون أن الرجال لا تظهر إلا وقت الشدائد، والظروف الحالكة السواد، فإذا لم أجدك فى العتمة، ما فائدة أن أجدك فى النور، وما اتخذه السيسى من قرار مساندة ثورة الشعب، متحملًا ما فجّره القرار من براكين الغضب والسخط فى الداخل والخارج، وأن أقوى دولة على سطح الأرض، أمريكا، سارعت بعدم الاعتراف بالثورة، وساندت ودعمت الإخوان، ولكن القادة الكبار تصنعهم التحديات الجسام!
لذلك راهن الشعب على المشير عبدالفتاح السيسى، وكسب الرهان، ويومًا بعد يوم يثبت الرجل أنه المخلص، والمنقذ، وأن التاريخ سيحفر اسمه مستبقًا تحتمس الثالث، ومحمد على، وجمال عبدالناصر، وأنور السادات فى إنقاذ مصر، وتخليصها من الاختطاف، وحقق فى سنوات ثلاث ما يفوق المعجزات.
ورغم ذلك تجد جبهة العواطلية لا يعجبهم تقدم واستقرار البلد، ويريدون إعادة سيناريو العبث طوال السنوات الماضية، تحت شعارات بالية، وبعد جلساتهم المطولة لمناقشة كيفية الإطاحة بنظام السيسى، اختلفوا كثيرًا فى تحديد البديل، واعترفوا بأنه لا يوجد شخص من بينهم يمكنه منافسة الرجل فى الانتخابات المقبلة، ورفضوا تلميحات صباحى بأنه سيخوض الانتخابات، إدراكًا منهم بأنه لن يحصل على أصوات الجبهة العاطلة نفسها.
هنا فوجئ الجميع بدواسة تويتر الشهير، والمشتاق لمنصب وزير الاتصالات، والذى يعتبر نفسه أهم شخصية فى جبهة العواطلية، يقفز من مقعده واقفًا، وصارخًا صرخة أرشميدس، مرددًا وجدتها وجدتها، حيث طرح اسم الفريق أحمد شفيق لخوض الانتخابات الرئاسية أمام السيسى، مبررًا اختيار من كان عدوًا لدودًا بالأمس، ليكون صديقًا وشريكًا اليوم، لعدة أسباب، أولها أن شفيق يتمتع نسبيًا بشعبية بين أبناء مبارك، ودعم جبهة العواطلية، وقدرته على إقناع عدد من رفقاء سلاحه بتأييده، وهو ما يعد فتنة مطلوبة، بالإضافة للعامل الأهم وهو تقدمه فى السن، الأمر الذى سيمكن الجبهة من السيطرة عليه تمامًا، وتوجيه قراراته لتصب فى مصلحتهم، ويتحول تدريجيًا إلى ديكور، ويسيطرون هم على مقاليد الأمور.
وحاول دواسة تويتر إقناع جبهة العواطلية بوجهة نظره، واقتنع ممدوح حمزة وعدد من أعضاء الجبهة بهذا الاقتراح، تاركين للدواسة مسألة إقناع شفيق، مؤكدًا أن الرجل موافق، وتبقى مسألة الإعلان والتوقيت الصح!
هنا يظهر وجه جديد من مئات الوجوه الوقحة لجبهة العواطلية، وهو تلاعبهم بالشعب المصرى، وبمقدرات الوطن، وترسيخ فكر التفاهة والمراهقة السياسية، فكيف لهؤلاء يصدرون بالأمس أن شفيق فاسد، وبينهم وبينه دم، وأطاحوا به من رئاسة الحكومة، ووقفوا ضده فى انتخابات الرئاسية، وهددوا بحرق مصر لو نجح، ثم يحاولون الآن تقديمه على أنه المرشح الرائع القادر على قيادة مصر؟!.. إلى هذه الدرجة يستهين هؤلاء الفشلة والعاطلون بالشعب المصرى؟!
جبهة العواطلية، وبما تأتيه من تصرفات، وسيرها بسرعة كبيرة عكس اتجاه الشعب المصرى، ومحاولة استغفاله والضحك عليه بعد توريطه فى مؤامرة يناير، إنما يحفرون بأيديهم مقبرة لدفن أنفسهم سياسيًا وقيميًا ووطنيًا، ولن تقوم لهم قائمة من أى نوع!
ولك الله يا مصر!