أعوذ بالله من أن أقول يوما كلمة يراد بها مغازلة سلطة أو مواءمة أهواء نظام، أعوذ بالله من خيانة أمانة الكلمة وتكريس المنابر لنفاق أو ممالأة، تلك مقدمة اضطررت إلى كتابتها قبل أن أخوض فى تلك المسألة لأنى أتابع منذ فترة طويلة ما يثار حول أزمة «جزيرة الوراق» التى تشتعل بشكل شبه موسمى بمجرد نشر أى تقرير عن حقوق السكان أو نوايا الحكومة فى تطوير المنطقة، وفى الحقيقة فإنى قد ترددت كثيرا قبل كتابة هذه السطور، لأن النوايا لم تعد صادقة بما فيه الكفاية، ولأن ما يسمى بـ«صوت العقل» غائب تماما عن تلك القضية، مثلها مثل عشرات القضايا التى لا نحكم فيها عقولنا وإنما نحتكم فيها الصوت العالى والغوغائية المغرضة أو العفوية، وهو ما أدى إلى تشويه الجميع وتخوين الجميع فى إعادة مقيتة لأجواء تهدم ولا تبنى.
إحدى الصحف نشرت تقريرا عن مخطط إعادة تنظيم الجزيرة واستثمارها، فهاجت الدينا ولم تقعد، هو ما اضطر مركز دعم المعلومات إلى نفى المخطط، وحينما طالعت المخطط المنشور وجدت أنه يراعى حقوق سكان الجزيرة كما يراعى حقوق البلد كله فى استثمار تلك المنطقة الخلابة التى أشبهها بالتفاحة النضرة الملقاة فى وسط كومة من القمامة، فلماذا ترتعش الحكومة فى اتخاذ الخطوات الجادة لتطوير مصر واستثمار إمكانياتها الخلابة، ولماذا نقاوم التطوير والتحديث تحت شعارات فارغة تشعل الموقف أكثر؟
أقولها واضحة دون ستار، من حق الحكومة أن تنزع ملكية أية قطعة أرض ترى أنها ستعود بالمنفعة العامة على الناس أجمعين، فهى حكومة الـ 94 مليونا وليست حكومة الـ90 ألف الذين يقطنون فى تلك الجزيرة، بشرط واحد ووحيد هو تعويض أهالى الجزيرة بشكل ملائم عن عملية نزع الملكية تلك، فمن بين الـ1400 فدان، مساحة الجزيرة، يستغل السكان 150 فدانا فحسب، والحكومة تنوى إعادة توطين من يرفض التعويض على مساحة 130 فدانا، فأين المشكلة فى هذا الأمر؟ ولماذا يفضل البعض نفاق الجماهير على حساب تطوير مصر، ثم قل لى: أيهما أفضل؟ أن يظل السكان فى محيطهم المسكون دون عمل مناسب أو بنية تحتية تحترم إنسانية الإنسان، حتى يضطر البعض إلى ارتكاب أعمال منافية للقانون أم تتحول الجزيرة إلى أجمل بقعة على أرض مصر والعالم العربى فتزدهر السياحة وينمو العمران وتتوافر فرص العمل لأهل الجزيزة ومصر كلها؟