«هل غيرت ثورة 25 يناير فى حياة المجتمع وخطاب الدولة والناس؟
السؤال يطرحه الكاتب وأستاذ الإعلام الدكتور محمد شومان، فى كتابه «خطاب الشارع - تحولات الحياة والموت فى مصر»، الصادر قبل أيام عن سلسلة «كتاب اليوم»، ويرأس تحريرها الكاتب الصحفى «علاء عبدالهادى».
أما لماذا السؤال، فيجيب عليه «شومان» فى مقدمته برواية قصة خروج هذا الكتاب إلى النور، مشيرا إلى أنها «ربما تعكس مسار الحياة والسياسة فى مصر بعد ثورة 25 يناير غير المكتملة».
يؤكد شومان، أنه فى ديسمبر 2010 أنهى الفصل الأخير، وبدأ فى مراجعة المسودة النهائية، وفيها مراجعة شاملة لخطاب الشارع والناس، والحياة والموت، وأشكال ممارسة السلطة بين الدولة والمجتمع، وبين شرائح وفئات كثيرة تعيش معا فى القاهرة، لكنها لا تتزامن ولا تتساوى، فالتناقض والتندر والتهميش والتحايل، وربما الصدام اللفظى والمادى هى القوانين الحاكمة لتلك العلاقات فى «مدينة بلا قلب»، كما وصفها الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطى حجازى.
يواصل شومان، أنه بعد 25 يناير وجد فى الشهور الأولى للثورة أن أغلب ماجاء فى قراءتى لتناقضات الناس والحياة فى القاهرة، بل وفى المجتمع المصرى قد أصابه التغيير، حيث جرت تحولات سريعة بالغة الأهمية وغير مسبوقة فى حياة المصريين، ويرصد الكتاب العديد من هذه المظاهر كانتشار الباعة الجائلين فى كل شوارع وميادين القاهرة إلى درجة أنهم سمحوا فقط بحارة واحدة لمرور السيارات الحكومية والخاصة، وعلى مستوى آخر فرضت الجماعات المهمشة سياسيا وفنيا وجودها، وأصبحت أكثر جرأة وقدرة على التعبير عن نفسها ورفع مطالبها «الجماعات الإسلاموية المتشددة، واليسارية المتطرفة، والفوضويين وفرقة الغرافينى والموسيقى والغناء»، وانتشرت الاضرابات والاعتصامات فى كل المحافظات، وأصبح قطع الطرق والكبارى من الوسائل المتعارف عليها فى كل المحافظات للضغط على الحكومة، مما دفع بمصر إلى حالة من الفوضى.
إزاء هذه التحولات والمظاهر الإيجابية والسلبية التى عاشها المصريون راجع «شومان» قراءته لتناقضات الحياة والموت وخطاب الشارع، فوجد كثيرا من تلك التحولات اختفت أو تراجعت، فالدولة القوية عادت وبطلب من أغلبية المصريين الذى أثاروا مخاوفهم ما يجرى فى ليبيا وسوريا واليمن والعراق من انهيار للدولة وللأمن والاستقرار.
ينتهى شومان من شرح قصة كتابه إلى أنه وبعد أن تعطل لكل الأسباب السابق ذكرها، أعاد قراءة مسودته فقرر أن يبقيه على حاله الأول تقريبا «لأن تحولات ما بعد يناير تلاشت أو كادت»، والأمر على هذا النحو يقود فى الإجابة عن السؤال المطروح فى مطلع هذا المقال إلى: «تغير القليل، وبقى الكثير على حاله من دون تغيير».
يحتوى الكتاب على ستة فصول فى 136 صفحة، وعناوين الفصول هى: «صراع السلطة وتناقضات الشارع المرورى فى المحروسة»، و«خطاب الهامش «الرصيف القاهرى» و«فوضى وتشوه معمارى» و«أزياء بلا هوية» و«توتر الكلام والصمت» و«خطاب الموت»، وكما هو واضح من هذه العناوين فنحن أمام حالة اقتراب من طقوسنا اليومية المجتمعية والاشتباك معها، والميزة فى الكتاب أنه يمسك سلوك المجتمع وتحولاته من رأسه إلى قاعدته فى كل شىء، فى الأزياء، على الرصيف، فى المعمار، فى الكلام، فى خطاب الموت طبقيا.. ونواصل.